من افتعل أزمة حجز الدراجات النارية ومن انتصر في نهايتها؟

بقلم ذ.عبد الرحيم مستاوي
في مغرب اليوم، لم تعد بعض الأزمات تنشأ من وقائع حقيقية أو تحديات موضوعية، بل يتم افتعالها بقرارات مرتجلة ثم تقديم الحلول لها وكأنها إنجازات سياسية. ما وقع مع حجز الدراجات النارية مثال صارخ على ذلك.
بذريعة أن بعض مستعملي دراجات النارية قد أدخلوا تعديلات على أسطوانات الدراجات لرفع سرعتها القانونية، أُطلقت حملة واسعة لحجز المئات منها. خطوة بدت في ظاهرها مرتبطة بالسلامة الطرقية، لكنها في العمق كانت غير مدروسة: لا معايير تقنية واضحة، لا إحصائيات دقيقة، ولا تواصل يشرح للمواطنين طبيعة الخطر المزعوم.
النتيجة ؟ فوضى اجتماعية واحتقان إعلامي. آلاف الأسر تضررت لأن الدراجة لم تعد مجرد وسيلة تنقل بل مصدر رزق يومي. الشارع غلي، ووسائل التواصل الاجتماعي تحولت إلى ساحة غضب.
وفجأة، وفي ذروة التوتر، يخرج رئيس الحكومة بقرار العدول عن الحجز. وكأننا أمام مسرحية مكتملة الأركان: أزمة تُخلق بقرار، تُضخم إعلامياً، ثم تُطفأ بقرار آخر يظهر صاحبه في دور المنقذ.
لكن الحقيقة أن المغاربة لا يحتاجون إلى “منقذ” في أزمة مصطنعة، بل إلى رجل دولة يتعامل مع أزماتهم الحقيقية:
-مراجعة أسعار المحروقات التي تلهب جيوب المواطنين،
-تسقيف أسعار البنزين والغازوال بشكل يحمي القدرة الشرائية،
-وضع حد لتضارب المصالح الذي يجعل بعض المستفيدين يربحون من بقاء الأسعار مرتفعة،
-وتحصين القرارات الاقتصادية من منطق اللوبيات.إن فن الحكم لا يقوم على افتعال الأزمات الصغيرة، بل على مواجهة التحديات الكبرى بشجاعة وشفافية. أما سياسة “نخلق المشكل لنقدم الحل”، فهي لعبة خطرة لا تزيد سوى في تعميق الهوة بين المواطن ومؤسسات الدولة.