خريجو الجامعات الروسية… كفاءات مغربية تُكسر الاحتكار وتخدم الوطن في صمت

أبناء الشعب الذين عادوا بالعلم لا بالديون، وبالانضباط لا بالغرو
من الصيدلة إلى الهندسة… تحوّل هادئ أحدث ثورة في سوق العمل
ما نراه من حملات ضد خريجي الجامعات الروسية ليس إلا حسدًا دفينًا وخوفًا من المنافسة الحقيقية.
لقد أثبت هؤلاء الخريجون كفاءتهم العالية في مختلف الميادين العلمية والمهنية، ففرضوا أنفسهم بجدارة في سوق الشغل المغربي، في مجالات كانت لعقود محتكرة من فئات محدودة.
في التسعينات، كان قطاع الصيدلة مثالًا صارخًا للاحتكار: لم يكن عدد الصيدليات يتجاوز 600 على الصعيد الوطني، وكانت المهنة شبه مغلقة أمام الأجيال الجديدة.
لكن مع تخرج دفعات من الأطباء والصيادلة والمهندسين من الجامعات الروسية، تغيّر المشهد كليًا: كُسر الاحتكار، ودخل جيل جديد من الكفاءات، ما أعاد روح التنافس والابتكار.
ولم يقتصر الأمر على الطب والصيدلة فحسب، بل شمل كذلك:
•الهندسة المدنية والمعمارية: حيث أثبت خريجو روسيا قدرتهم على تصميم وتنفيذ مشاريع معقدة وفق أعلى المعايير التقنية.
•الهندسة الكهربائية والميكاترونيك: شاركوا في تطوير الطاقات المتجددة والأتمتة الصناعية.
•الإعلاميات والذكاء الاصطناعي: أبانوا عن كفاءات استثنائية في البرمجة والأمن المعلوماتي وإدارة البيانات.
أبناء الطبقة الوسطى… علمهم وطني وتمويلهم أسري
ما يُغفَل عنه أن أغلب خريجي الجامعات الروسية ينحدرون من أسر مغربية بسيطة، وغالبيتهم أبناء رجال التعليم والموظفين.
الدولة المغربية لم تُنفق درهمًا واحدًا على تكوينهم، ومع ذلك فهي الرابح الأكبر: فقد عاد هؤلاء الشباب حاملين شهادات علمية متينة وتجارب حياتية غنية، ليخدموا وطنهم بإخلاص.
وفي حين تُغري الدول الغربية الخريجين بالبقاء ضمن ما يُعرف بـ«نزيف الأدمغة»، فإن الجامعات الروسية تلزم الطلبة الأجانب بالعودة إلى بلدانهم بعد التخرج، تعزيزًا لنقل المعرفة وتوطين الكفاءات.
وهذا موقف يُحسب لروسيا لا عليها، لأنه يكرّس احترام سيادة الدول الصديقة ويؤكد شراكة تقوم على التنمية لا على الاستغلال.
الكفاءة لا تُورّث ولا تُحتكر
حين خسر بعض المنتفعين امتيازاتهم، لجؤوا إلى حملات إعلامية لتشويه سمعة هؤلاء الخريجين، متناسين أن الجدية والانضباط لا تحتاج إلى دعاية.
لقد أثبتت التجربة أن خريجي الجامعات الروسية ينافسون بالعلم، ويُنجزون بالصمت، ويخدمون بالضمير.
هم لا يبحثون عن الأضواء، بل عن الأداء، ولا يطالبون بالامتياز، بل يفرضونه بالعمل.
الوطن الرابح الأكبر
هؤلاء الخريجون يشكلون اليوم رصيدًا وطنيًا ثمينًا.
فهم يؤمنون بأن النجاح لا يُمنح بالوراثة ولا يُشترى بالنفوذ، بل يُنتزع بالاجتهاد والمعرفة.
لقد برهنوا أن الوطن لا يُخدم بالشعارات، بل بالعلم والالتزام، وأن الانتماء الحقيقي يُقاس بما يقدّمه المرء لا بما يطالب به..
بقلم عبد العالي قبادو