البحاري يكتب.. إدريس لشكر.. ثبات القيادة في زمن التهافت

في زمن التهافت والانقضاض على القيم الحزبية، وفي لحظة اهتزت فيها كثير من المرجعيات السياسية، يبقى الأستاذ إدريس لشكر رقماً صعباً في معادلة السياسة المغربية، وصوتاً اتحادياً صلباً، اختار أن يواجه لا أن يساير، أن يصمد لا أن يناور.

لقد تحمل الرجل سنوات من التحامل والتشويه الممنهج، لا لشيء سوى لأنه رفض أن يحني رأسه لرياح العبث، وتمسّك بخيط الفكرة الاتحادية في وقت أصبح فيه التفكير جريمة، والوضوح مخاطرة.

لم تكن مهمته سهلة، فقد قاد الحزب وسط أمواج من التناقضات والهجمات، لكنه لم يتراجع عن موقع القيادة، وفضّل أن يبقى في الخط الأمامي للدفاع عن روح الاتحاد، حتى وإن اضطر أن يدفع الثمن من سمعته أو راحته أو علاقاته.

الأستاذ لشكر لم يكن زعيماً عادياً، بل كان صانع توازنات، وموحد صفوف، وباني جسر بين الأجيال، فجعل من الحزب بيتاً تتسع جدرانه للجميع، وخلق من الاختلاف مصدر غنى لا سبب فرقة.

نعم، نحن لا نقدّس الأشخاص، ولكننا لا نكفر بنِعم الوفاء، ولا نجحد مجهود رجل أعطى للحزب الكثير، وصمد حيث انكسر الآخرون، وآمن بوحدة الصف حين اختار البعض التشتت.

ومن هنا، يصبح من المؤسف – بل من المؤلم – أن نسمع أصواتاً اعتادت أن تعيش في الهامش، تنبري لتوزيع الدروس على حزبٍ لم تعد تنتمي إليه لا سياسياً ولا أخلاقياً.

حسن نجمي نموذج صارخ لهذا النوع من النقد الكاريكاتوري، الذي لا ينبني على موقف، بل على ضغينة؛ لا على مشروع، بل على تصفية حسابات شخصية عابرة.

لقد تعبنا من خرجاته المتكررة، ومن ذلك الخطاب الممل الذي يعيد إنتاج نفس الأسطوانة: “أنا كنت، وأنا كنت”.
نقول له: نعم، كنت… ولكنك اخترت أن لا تبقى.
والاتحاد لم يتوقف على أحد، وسيستمر بمن آمن به، لا بمن باعه في أول محطة اختلاف.

يُخطئ من يظن أن الحزب خيمة يتنقل بها من موسم لآخر، أو منصة يعتليها حين يحتاج إلى الأضواء.
الاتحاد هو صبر المناضلين، هو نبض القواعد، هو التنظيم الذي لا ينكسر، ولو ارتفع صراخ الخارجين عليه.

فليكتب من يشاء ما يشاء.
أما نحن، فسنكتب التاريخ، كما كتبناه دوماً، بدم القلب، وبعقل الفكرة، وبوفاء الرجال.

يونس البحاري
الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – تازة

مقالات ذات صلة