الدليل الواضح للتدبير العشوائي لشراكات جماعة تاهلة من الانتقاء إلى الإقصاء: أين تتجه شراكات الجماعة؟

بقلم: عبد الله بولرباح
يثير تدبير الشراكات من طرف مجلس جماعة تاهلة مجددا موجة من التساؤلات والانتقادات، بعد إقدامه على عقد شراكة مباشرة مع جمعية بعينها لتنظيم مهرجان ثقافي، دون احترام الشروط والإجراءات القانونية والتنظيمية التي تؤطر هذا النوع من الشراكات.
وقد جاء دليل المساطر الخاص بالشراكة والتنمية مع الجمعيات 2022–2027، الصادر عن مجلس جهة فاس-مكناس، ليقدم حججا قانونية دامغة تؤكد أن ما أقدمت عليه الجماعة يمثل خرقا صريحا للمقتضيات القانونية والتنظيمية، ويجسد تدبيرا عشوائيا لا ينسجم مع مبادئ الحكامة الجيدة والشفافية وتكافؤ الفرص.
تأكيد للموقف الجمعوي
ما ورد في هذا الدليل لم يكن مفاجئا بالنسبة للعديد من الفاعلين الجمعويين المحليين، بل جاء ليعزز مواقف عبر عنها سابقا المجتمع المدني من خلال:
- بيان جمعيتي أدرار للتنمية والبيئة وآفاق للثقافة والتربية والفن،
- تصريحات ومداخلات الجمعيات خلال اللقاء التواصلي المنعقد بتاهلة،
- البلاغ الختامي لهذا اللقاء،
- المنشورات التوعوية المتكررة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
كل هذه الوثائق، من بيان وبلاغ وكذا التصريحات والمداخلات متقاسمة بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، كما أن جميع هذه المواقف كانت تحذر من اختلالات في تدبير الشراكات، ومن نزوع نحو الانتقاء والتفرد بالقرار، في خرق سافر للمقتضيات القانونية والتنظيمية ذات الصلة، وبعيدا عن المقاربة التشاركية والعدالة في توزيع الدعم العمومي.
مرجعيات قانونية صارمة
استند دليل المساطر الجهوي إلى منهجية دقيقة ومرجعيات قانونية متنوعة، تكرس التزام الدولة المغربية بتنظيم العلاقة بين الجماعات الترابية والنسيج الجمعوي، ونذكر من هذه المرجعيات الواردة في الدليل ما يلي:
- دستور المملكة، وخاصة مقتضياته المتعلقة بالديمقراطية التشاركية والحكامة،
- القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات،
- القانون 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية،
- تقارير المجالس الجهوية للحسابات،
- تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية والمالية 2016–2021،
- دورية الوزير الأول عدد 7/2003 التي تشترط إبرام اتفاقية شراكة لكل دعم يفوق 50 ألف درهم،
- منشور رئيس الحكومة عدد 2/2014 حول مراقبة المجلس الأعلى للحسابات لصرف المال العمومي،
- مذكرة وزير الداخلية عدد D2185 بتاريخ 5 أبريل 2018، حول دعم الجمعيات من طرف الجماعات الترابية وإبرام اتفاقيات التعاون والشراكة معها، التي تحدد بدقة كيفية تعامل الجماعات مع الجمعيات في ميدان الشراكات
المسطرة القانونية: ما الذي خرق تحديدا في حالة جماعة تاهلة؟
يوضح الدليل أن المسطرة القانونية لتدبير الشراكات تمر عبر مراحل أساسية، وهو في ذلك يتماشى ما ورد في دورية وزير الداخلية عدد D2185 بتاريخ 5 أبريل 2018 الآنفة الذكر. أبرز تلك المراجل، هي:
- إطلاق إعلان طلبات عروض للشراكة بشكل رسمي وعلني،
- إشهار واسع للإعلان بما يضمن مبدأ الشفافية والمساواة في الولوج إلى الدعم.
إن تجاوز هذه المرحلة، واللجوء إلى أسلوب الانتقاء المباشر لجمعية معينة دون منافسة، يعد إخلالا جوهريا بالقانون، وفتحا لباب المحاباة والزبونية، وهو ما يتنافى مع مبادئ التدبير الرشيد للمال العام.
مسؤولية قانونية وأخلاقية
إن ما أقدمت عليه جماعة تاهلة لا يمكن اعتباره فقط سلوكا إداريا معيبا، بل هو فعل يستوجب المساءلة، والمطلوب اليوم ليس فقط التنبيه إلى الاختلال، بل أيضا تفعيل آليات الرقابة.
على المستوى المؤسساتي، هناك مسؤولية ملقاة على المفتشية العامة للإدارة الترابية، والمجالس الجهوية للحسابات، في مساءلة هذه الممارسات. أما على المستوى المدني، فإنه ينتظر من الجمعيات ومكونات المجتمع المدني أن تمارس ضغطا ناعما ومنظما من أجل فرض احترام القانون، وفضح كل أشكال المحاباة والانتقائية.
دعوة لاحترام القانون وتكافؤ الفرص
في ظل هذا الوضع، نجدد التأكيد على أن دعم الجمعيات يجب أن يخضع:
- لمنطق العدالة والشفافية والمنافسة المفتوحة؛
- لاحترام المساطر القانونية المؤطرة للشراكات؛
- لتكريس الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن الشراكة الحقيقية لا تبنى على علاقات الولاء أو الترضيات، بل على أسس صلبة من الوضوح والتكامل والتشارك بين الفاعل الجماعي والنسيج الجمعوي المحلي.
للاطلاع على دليل المساطر كاملا: [[https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.region-fes-meknes.ma/wp-content/uploads/2022/06/rfm-partenariat-associations-guide-procedures-22.pdf&ved=2ahUKEwj7rLSozcOOAxX4dqQEHQpjIpQQFnoECBYQAQ&usg=AOvVaw037XYx1V2jaa8m6Ry25-t1]