ميمونة الحاج داهي تكتب.. ماذا لو فقد لشكر ما تبقى من وزنه السياسي؟

ميمونة الحاج داهي
ميمونة الحاج داهي
حديث هادئ من جمهور يفكر في مستقبل الاتحاد
-في السياسة كما في الحياة، لا شيء يدوم سوى الحاجة إلى التغيير-..ريمون آرون
بصراحة، لا يتعلق الأمر بشخص إدريس لشكر وحده. بل بسؤال أكبر يطرحه كثيرون داخل الاتحاد وخارجه: هل ما زال هذا الحزب قادرًا على التجدد؟ وهل ما زال زعيمه قادرًا على إقناع المغاربة، حتى أولئك الذين ما زالوا ينتمون إليه عاطفيًا؟
حين ظهر ملتمس الرقابة بدا أن الاتحاد قرر أخيرًا أن يُزعج الحكومة. أن يجرّ النقاش إلى البرلمان. أن يستعرض، نعم، لكن أيضًا أن يُعيد التموقع. ثم تراجع الحزب بسرعة. وغاب الصوت، وكأن الخطوة لم تكن نابعة من قناعة حزبية، بل من لحظة سياسية مرتبكة. فهل كان الملتمس فرصة حقيقية أم محاولة يائسة للفت الانتباه؟
السؤال هنا لا يُطرح بلغة التجريح، بل بلغة القلق. لأن ما يحدث لا يمس شخصًا فقط، بل صورة حزب تاريخي يُفترض أنه حامل لقيم التقدم والعدالة والجرأة. والسؤال الأكثر إلحاحًا هو: هل الاتحاد اليوم يسير بثقة نحو المستقبل، أم يتحرك على وقع إرهاق مزمن؟
كثيرون يلاحظون أن لشكر تغيّر. أو لِنَقُل إن الزمن تغيّر عليه. الحضور لم يعد كما كان. النفس صار أقصر. والخطاب أقل إقناعًا. لا أحد يُنكر تجربته، ولا أحد يتجاهل ما راكمه من خبرة سياسية، لكن هل لا يزال قادرًا على حمل مشروع، أم أن المشروع بات يحتاج دمًا جديدًا؟
وهنا تخرج إلى السطح فكرة ظلّ الحديث عنها مؤجلاً: هل حان الوقت لقيادة اتحادية مختلفة؟ قيادة تُجدد، لا تُكرر؟ قيادة لا تشتغل بنفس المعجم القديم، ولا بنفس الإيقاع المحسوب؟
والسؤال الأهم ربما: لماذا لا تكون هذه القيادة امرأة؟
المرأة الاتحادية ليست غريبة عن النضال. كثيرات من مناضلات الحزب كتبن فصولًا مشرقة في تاريخه، لكن قليلًا ما وجدن فرصة للقيادة الفعلية. فهل يكون التعب العام مدخلًا للجرأة؟ هل يصبح الإنهاك لحظة ولادة جديدة؟
الاسم الأبرز اليوم هو حسناء أبو زيد. ليست لأنها وحدها، بل لأنها تمثل صوتًا مختلفًا، يقول الأمور كما هي، ويقترح أفقًا جديدًا بلغة مدنية، واضحة، ومتصالحة مع الواقع. فهل آن أوان هذا التحول؟ وهل الاتحاد مستعد لأن يسمع لصوت نسائي لا يُجَمَّل ولا يُدارى؟
ربما لا نملك أجوبة حاسمة، لكننا نطرح الأسئلة لأن الصمت لم يعد مُقنعًا. الحزب الذي لا يراجع نفسه، يتآكل من الداخل. والزعامات التي لا تُفسح المجال لغيرها، تفقد معناها.
لشكر قدّم ما قدّم، وتحمل ما تحمّل، لكنه ليس الحزب. والحزب ليس مِلكًا لأحد. وإذا كانت هذه لحظة أفول، فقد تكون أيضًا لحظة ميلاد. والفيصل؟ شجاعة القرار.
شاركتكم هذا الحديث، لأني آثرت أن أجعل من التفكير مشاعا، ومن السؤال العلني أفقا للفهم والمساءلة.
ميمونة الحاج داهي

مقالات ذات صلة