كليشيهات السياسة في زمن الهاشتاغ: الجيل الجديد وأسئلة المشاركة

بقلم الدكتور عبد الإله طلوع: باحث في العلوم السياسية

كثيرًا ما يُختزل الحديث عن الشباب والعمل السياسي في المغرب، وفي العالم العربي عمومًا، ضمن كليشيهات جاهزة تكررها النخب السياسية والإعلامية حد الابتذال، فـ”الشباب غير مهتم”، و”السياسة لعبة الكبار”، و”جيل اليوم لا يؤمن إلا بالهاشتاغ”، وغيرها من العبارات التي تحوّلت إلى ستائر دخان تحجب نقاشًا أكثر عمقًا حول الأسباب البنيوية لعزوف الشباب عن الانخراط السياسي الحقيقي.

إن هذا الاختزال ليس بريئًا، فهو يعفي الأحزاب من مسؤولياتها، ويبرّر رداءة العرض السياسي، كما يُخلي الدولة من التزاماتها في إعادة الاعتبار للسياسة كفضاء للتغيير، لا كقناة للتصريف الإداري أو لتوزيع الغنائم الانتخابية، وبالمقابل، فإن هذه الصورة النمطية تخلق لدى الشباب نفسه نوعًا من النفور الذاتي، حيث يُصبح الانخراط السياسي مرادفًا للتسلق والوصولية، لا للنضال والفعل الجماعي.

لكن، هل فعلاً لم يعد الشباب يهتم بالسياسة؟ الواقع يُكذّب هذه المقولة. يكفي أن ننظر إلى التفاعل الواسع مع قضايا العدالة الاجتماعية، الحقوق الرقمية، البيئة، الحريات الفردية… لنكتشف أن الحس السياسي عند الشباب لا يزال حيًّا، لكنه يبحث عن أدوات جديدة غير تلك التي “هرمت” داخل التنظيمات الحزبية التقليدية، لقد غادر كثير من الشباب المقرات لكنه لم يغادر المعنى؛ انسحب من الشعارات لكنه لم ينسحب من الهمّ العام.

إن أزمة العلاقة بين الشباب والعمل السياسي هي أزمة وسائط، وأزمة ثقة، وأزمة مشروعية، وهي أيضًا أزمة خطاب، فلا يمكن مخاطبة جيل يعيش في زمن السرعة والشفافية، بخطاب خشبي يردد شعارات السبعينات. ولا يمكن ضمّه إلى تنظيمات تحتقر ذكاءه وتُقايض طاقته بحضور في مهرجان انتخابي أو منشور ممول.

في المقابل، هناك تجارب شبابية واعدة فرضت حضورها من خارج الأحزاب، عبر مبادرات مدنية، جمعوية، رقمية… لكنّها تظل معرضة للالتفاف أو التبخيس ما لم تجد إطارًا مؤسساتيًا حقيقيًا يضمن لها الاستمرارية والاستقلالية.

الحديث عن الشباب والعمل السياسي يجب أن يتحرر من الكليشيهات الكسولة، وينفتح على أسئلة جديدة:

هل تملك الأحزاب الجرأة لتجديد نخبها فعلًا؟

هل نحن أمام شباب يرفض السياسة أم أمام سياسة ترفض الشباب؟

وهل يمكن لتجارب المشاركة الرقمية أن تُعيد بناء جسر الثقة؟

وما السبيل إلى تمكين شبابي لا يكون مجرد شعار موسمي، بل خيارًا استراتيجيًا للديمقراطية؟

مقالات ذات صلة