حفيظ زرزان يكتب.. ملكية تقود التغيير

هي مقالة تتحرى الموضوعية في التناول وتتجنب الأساليب الكلاسيكية في المدح والثناء العاطفيين، والتبجيل الزائد الذي ينفر، وترتكز بالأساس على لغة الإنجاز وما تحقق على أرض الواقع بلغة الأرقام والحقائق التي تخاطب العقلاء والمنصفين.
وتحاول تتبع ما ينجز وتثني عليه بما يستحق من تنويه وتشيد به لا تهليلا وتهويلا وإنما إنصافا وتأصيلا. مقالة رصدية لا تزعم أنها تحيط بكل شيء، وإنما تحاول رسم ملامح، لأهم الإشارات والخطوات والقرارات الرسمية الموفقة للملك محمد السادس، التي أعطت مؤشرات واضحة على مرحلة أخرى يعيشها المغرب بصمت ودون بهرجة إعلامية أو مزايدات سياسوية أو أهداف انتخابية. يشتغل الرجل الذي اختار منذ توليه العرش الهدوء بدل الصخب، والعمل بدل الجدل، والاشتغال برصانة ورزانة، والتي أوضحت أن البلاد فعلا انتقلت من التدبير إلى التغيير (الخطاب الرسمي للملك) تعيش على وقع طفرة نوعية، تجلى في أهم ملف للبلاد، وهو الوحدة الترابية، ثم محطات وإنجازات أخرى نسرد بعضها وإلا المجال لا يتسع، أعطت دفعة قوية للبلاد وزخما واضحا للتقدم للأمام.
1- استقبال ممثلي دول الساحل
نبدأ من آخر خطوة، بأناقة ورقي واضحين ومعهودين، ووسط قصر منظم بعناية، حيث يجد البروتوكول الملكي في العناية بكل صغيرة وكبيرة، حيث الصورة ناطقة ومعبرة، استقبل الملك محمد السادس الأسبوع المنصرم وزراء خارجية مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وناقش معهم عددا من القضايا الهامة التي تتعلق بالأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة.
وقالت الوكالة الرسمية للأنباء في المغرب إن وزراء تحالف دول الساحل جدّدوا التزامهم بالانخراط في تسريع العمل من أجل تنفيذ مبادرة الملك محمد السادس الهادفة إلى استفادة دول الساحل من المحيط الأطلسي.
ويأتي لقاء الملك مع وزراء تحالف الساحل الأفريقي بعد عام ونصف عام من إعلانه مبادرة الأطلسي الهادفة إلى استفادة دول المنطقة من نافذة بحرية على المحيط الأطلسي لتشجيع التنمية الاقتصادية.
وقد تم الإعلان عن هذه المبادرة في خطاب الملك محمد السادس في أكتوبر 2023 بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، حيث اقترح إطلاق مساعدة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، معتبرا أن المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول المنطقة، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة.
2- نزول الملك للاحنفال مع شعبه
خرج الملك محمد السادس ملك المغرب إلى شوارع العاصمة الرباط، وشارك المغاربة احتفالاتهم بالإنجاز التاريخي لأسود الأطلس الذين تأهلوا إلى ربع نهائي كأس العالم 2022 لأول مرة في تاريخ المشاركات العربية بالمونديال.
واختار ملك المغرب التجول في شوارع الرباط ومشاركة شعبه فرحة التأهل التاريخي، ووثقت مقاطع فيديو عبر منصات التواصل، الملك محمد السادس وهو يلوّح بعلم المغرب خلال جولته بالسيارة بين شوارع المدينة.
3- زيارة السيد ماكرون إلى المغرب
يوم الإثنين 28 أكتوبر 2024، وقع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وفخامة السيد إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، اليوم الاثنين، بالديوان الملكي بالرباط، الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الرامية الى تمكين البلدين من رفع جميع التحديات التي تواجههما بشكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي.
4- اعتراف ترامب بمغربية الصحراء
تأكيدا للموقف الذي أبلغ به الرئيسُ الأمريكي دونالد ترامب، صاحبَ الجلالة الملكَ محمد السادس نصره الله، جددت الولايات المتحدة الأمريكية، في أبريل المنصرم تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء.
5- إلغاء عيد الأضحى:
دعا ملك المغرب محمد السادس مواطنيه إلى عدم ذبح أضاحي العيد هذا العام بسبب التراجع الكبير في أعداد المواشي جراء جفاف حاد تشهده المملكة للعام السابع تواليا.
وقال الملك في رسالة تلاها وزير الشؤون الدينية أحمد التوفيق عبر التلفزيون الرسمي مساء أمس الأربعاء “نهيب بشعبنا العزيز عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة”، ويحل عيد الأضحى هذا العام في الأسبوع الأول من يونيو/حزيران القادم.
وأضاف أن سبب ذلك هو “ما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية”.
كما قال الملك إنه “أخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لا سيما ذوي الدخل المحدود”.
6- استقبال عبد الإله مول السردين بولاية جهة مراكش الحوز:
وفي نفس التوقيت، أي في أواخر شهر فبراير المنصرم، وبتعليمات ملكية واضحة، استقبل الوالي السيد فريد شوراق الشاب عبد الإله مول السردين بعدما حاصره “الشناقة” وتجار الجملة بمدينته مراكش، وقام اجتهاد محلي بإغلاق محله، ليعيد له الاعتبار.
8- الانفصال يعتبر الحكم الذاتي مقترحا يمكن مناقشته:
خرج ما يسمى “وزير الداخلية” في البوليساريو، إبراهيم البشير بيلا، ليتحدث بلغة تنطوي على مراجعة ضمنية للخطاب التقليدي للجبهة، معترفا بوجود مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب ضمن دائرة النقاش الجدي لحل النزاع الإقليمي المفتعل.
في هذا الصدد، قال بيلا، في تصريح لوسيلة إعلام جزائرية، إن “الحكم الذاتي لا يمثل سوى خيار من بين عدة خيارات ينبغي التفكير فيها لتسوية النزاع”، معلنا استعداد الجبهة للانخراط في مفاوضات أممية، بشرط أن تكون “جدية وتفضي إلى حل قائم على مبدأ تقرير المصير”، وفق تعبيره.
9- تدشين محة القطار السريع بالرباط:
أشرف الملك محمد السادس على تدشين محطة الرباط أكدال، خط القطار فائق السرعة الذي يربط حاليا بين طنجة والقنيطرة ليصل إلى مراكش، مما سيجعل المملكة من بين الدول التي تمتلك أطول الشبكات فائقة السرعة في العالم بإجمالي 630 كيلومترا، بحسب تصريحات المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، محمد ربيع الخليع.
10-موقف ثابت من القضية الفلسيطنية دون تجاوز بل بتوازن:
أدان المغرب، الهجوم الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة والذي أسفر عن مقتل مئات الفلسطينيين المدنيين، في أول رد رسمي.
وقال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في ندوة صحافية على هامش جلسة إفريقية حول الذكاء الاصطناعي، إن “الوضع خطير جدا هناك، والمملكة تدين الأمر بأشد العبارات”.
وأضاف بوريطة أن المملكة تابعت تجدد الاعتداءات على المدنيين ومقتل المئات، وتعتبر ما تقوم به إسرائيل ذلك “عملا مدانا، ولا يساهم في إقرار السلام بالمنطقة”.
ودعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج كل الأطراف إلى العمل تثبيت وقف إطلاق النار، مشيرا إلى “عدم تفعيل المراحل المتبقية من الاتفاق”.
وتابع : “سياسة التجويع ووقف المساعدات تخلق المآسي في قطاع غزة وهو أمر غير مقبول يتحدى المنطق الإنساني والأممي”.
وذكر بوريطة بما أكده الملك محمد السادس على أن السلام لن يكون بدون إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
11- شرف تنظيم كأس العالم ومجلس وزاري:
ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الأربعاء 4 دجنبر 2024 م، الموافق 2 جمادى الثانية 1446 هـ، بالقصر الملكي بالرباط، مجلسا وزاريا.
وفي بداية أشغال المجلس، قدم السيد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ورئيس لجنة كأس العالم 2030، عرضا أمام جلالة الملك، حفظه الله، حول تقدم استعدادات المملكة لتنظيم هذا الحدث الرياضي الدولي.
وقد استحضر السيد الوزير مختلف المراحل التي قطعها ملف ترشيح المغرب، منذ إعلان جلالة الملك، أعزه الله، في 14 مارس 2023 بكيغالي، عن تقديم ملف ترشيح مشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030، وكذا إعلان جلالته للشعب المغربي في 4 أكتوبر 2023 عن قرار مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بالإجماع باعتماد ملف المغرب – إسبانيا – البرتغال، كترشيح وحيد، وما صاحب ذلك من تعبئة استثنائية من أجل إعداد ملف ترشيح يستجيب لشروط ومتطلبات دفتر تحملات الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وأضاف السيد الوزير بأن هذا الترشيح الثلاثي، الذي تم تقديمه للفيفا في 29 يوليوز 2024، كان نتاج تعبئة قوية وغير مسبوقة من طرف فرق العمل التي تم إحداثها لهذا الغرض، لاسيما على مستوى القطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية والسلطات المحلية المعنية.
وقد منح تقرير تقييم ملف الترشيح، الذي نشره الاتحاد الدولي لكرة القدم مؤخرا، بتاريخ 29 نونبر 2024، درجة استثنائية تتجاوز بشكل كبير الشروط المطلوبة، وذلك في أفق التصويت، إن شاء الله، عن منح تنظيم كأس العالم 2030 للترشيح الثلاثي للمغرب وإسبانيا والبرتغال، خلال الدورة الاستثنائية المقبلة لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ومن أجل رفع تحدي تنظيم يكون في مستوى تطلعات جلالة الملك، نصره الله، أبرز السيد الوزير أنه سيتم، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، إحداث لجنة بتركيبة موسعة تضم على الخصوص، ممثلي المجتمع المدني والمغاربة المقيمين بالخارج وكفاءات إفريقية. وسيتم أيضا الرفع من مستوى التعبئة بتنسيق مع كل الأطراف المعنية، لتسريع تنزيل جميع الأوراش الاستراتيجية والمهيكلة المتعلقة بتنظيم هذه التظاهرة الدولية، لاسيما منها :
- تأهيل الملاعب ؛
- توسعة وتجديد المطارات بالمدن الستة المستضيفة ؛
- تقوية البنيات التحتية الطرقية وتكثيف شبكاتها داخل المدن ؛
- إطلاق برنامج مندمج للتأهيل الترابي يمتد خارج المدن المستضيفة لمباريات كأس العالم ؛
- تطوير البنية التحتية الفندقية والتجارية ؛
- تقوية وتحديث العرض الصحي ؛
- تطوير وتحديث شبكات الاتصال ؛
- إطلاق برنامج موسع للتكوين من أجل تقوية كفاءات الشباب.
وفي ختام كلمته، أكد السيد الوزير أن كأس العالم 2030 لن تكون مجرد منافسة رياضية فحسب، بل تشكل كذلك فرصة فريدة من أجل تقوية دينامية نمو الاقتصاد الوطني خلال السنوات القادمة، وخلق المزيد من فرص الشغل، وتعزيز الجاذبية السياحية للبلاد، والترويج للقيم الكونية للسلام والوحدة والتنمية المستدامة.
بقلم: حفيظ زرزان*