وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: هذا ما قصدته بـ”المغرب بلد علماني”

كشف وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية أحمد التوفيق، عن الحوار الذي دار بينه وبين وزير الداخلية الفرنسي على هامش زيارة الاخير للمغرب ضمن الوفد المرافق للرئيس إيمانويل ماكرون اثناء الزيارة التي قام بها للمغرب في الشهر الماضي، وجاء هذا خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته بمجلس المستشارين، حيث قال  أن الوزير الفرنسي سأله عن عدد المساجد والأئمة في المغرب، وإن كان لذلك تأثير على الخطاب الديني داخل المجتمع.

وأضاف التوفيق أن الوزير قال له: “Je comprends que notre laïcité vous étonne” (أفهم أن علمانيتنا تثير دهشتكم). فأجبته: “Pas du tout, ça ne nous étonne pas” (على الإطلاق، هذا لا يثير دهشتنا).

و اعتبر التوفيق في  رده على وزير الداخلية الفرنسي ” أن العلمانية، كما تعلم، هي مفهوم يعود إلى الفلسفة السياسية والتاريخ، خاصة تاريخ فرنسا، على الرغم من أنها ظهرت أيضاً في دول أخرى. ويرتكز هذا المفهوم على أربعة أمور أساسية: الحرية، العقل، الأخلاق (أو العمل الصالح)، مضيفا” أن  هذا المعنى يغيب عن العلمانية لديهم، حيث يعني فصل الدين عن الدولة أن الدولة ، وأن لا تتدخل في الشأن الديني، غير أنه  ليست لديكم إجابة واضحة عن سؤال المعنى، فدينكم المسيحي موجود، لكنه لا يحمل هذا البعد الرسمي، بمعنى أنكم لا تقدمون إجابات للمواطنين في احتياجاتهم الروحية ولا تنفقون على الأئمة والمساجد، يقول الوزير المغربي.

وأضاف الوزير قائلا:  “على عكس فرنسا، نجد في ألمانيا، على سبيل المثال، أن ضريبة الشؤون الدينية تبلغ 10 مليارات يورو سنويا، تُخصص لترميم الكنائس والمعالم الدينية وتأطير الأئمة، أما في فرنسا، فليس لديكم نظام مماثل، وهذا شأنكم، لافتا إلى أن المغرب لدينه نظامنه الخاص، وهو إمارة المؤمنين، التي تحمي الملة والدين،  هذا النظام يقوم أيضا على مفهوم العقد، الذي يُعدّ من ركائز العلمانية، لدينا ما يسمى بـ”البيعة”، وهي عقد بيع للمشروعية من الأمة للحاكم، مقابل التزامه بخمسة أمور أساسية.

وكشف وزير الأوقاف في نفس السياق “أن هذه الأمور الأساسية عي   حماية الدين لأنه يمنح معنى للحياة، وحماية الأمن لضمان حياة الناس، وحماية العقل أو ما يُعرف بالنظام العام، وحماية المال لضمان التنمية، وحماية الكرامة، التي يسميها الفقهاء العرض وهذه هي التزامات البيعة، نحن لسنا مستبدين، وللأمة الحق في محاسبة الحاكم إذا أخلّ بأي منها”،  مؤكدا على “أن مسألتي الأخلاق والحرية يشترك فيهما الجميع،  فالحرية لدينا تعني “لا إكراه في الدين”، لأن الإكراه يفقد الدين معناه، فالإيمان التزام حر بين الإنسان وربه. وفي المغرب، يُمارس كل فرد دينه بحرية، ولا أحد يُحاسب إذا لم يؤدِ الصلاة، ورغم ذلك، تجد المغاربة متشبثين بدينهم وصلاتهم”.

وختم التوفيق في توضيحه للوزير الفرنسي قائلا: ” لدينا ما لديكم من عقل وحرية وإيمان، ولكن ليس لديكم ما لدينا من ارتباط بالمعنى، فالعلمانية لديكم تقوم على الاكتفاء بالعقل وحده للاستغناء عن الإله، ولكن، في الواقع، جذور كل ما يُبنى في العالم اليوم تعود إلى الأديان،  عندما وُضع دستور الاتحاد الأوروبي، طالب العديد من المفكرين ورجال الدين بإدراج القيم الدينية الغربية كجزء من هذا الدستور، لكن تم رفض ذلك، وهو تزوير لحقيقة قائمة في التاريخ” يقول التوفيق،  مشيرا “إلى أن النقاش داخل المؤسسة التشريعية المغربية، ينصب دائماً على مصالح البلاد، ولا تجد ممثلي الأمة يستدلون بآية قرآنية للدفاع عن هذه المصالح، بل يعتمدون على العقل الذي تربى على الإسلام، ويعرف جيداً ما هو مفيد وما هو غير مفيد. أما الأمور الدينية القطعية، فهي مسؤولية الأمة، ويتولاها الملك”.

مقالات ذات صلة