الدولة وتدبير التراب بالمغرب محور ندوة بالدار البيضاء

نظم مكز مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية ندوة دولية، السبت الماضي، بمدينة الدار البيضاء،حول موضوع الدولة وتدبير التراب بالمغرب.
وأوضحت أرضية الندوة أن وظائف الدولة في تدبيرها للتراب (الإقليم لأن الأمر يتعلق بأصل وفكرة وجود الدولة في حد ذاتها التي اهتدى إليها الفكر الإنساني بعد مسار من التطور والتحول حتى استقرت على شكلها الحديث، لهذا تفرض كيفيات وأنماط تدبير الدولة لترابها نفسها كقضايا تطرح للنقاش العمومي والأكاديمي، ويتم إعادة تناولها بشكل دوري من أجل التقييم والمواكبة نظرا لما تكتسيه من أهمية ولارتباطها بمجموعة من المفاهيم التي تتقاطع معها، ولكون الأمر يتعلق بموضوع مرکب تؤطره مباحث كبرى.
واعتبرت الأضرية أن تدبير التراب المدخل الرئيسي للتنمية والديمقراطية، والمساواة وتكافؤ الفرص في أي دولة كما أنه موضوع له علاقة وطيدة للوصول الى مرحلة دولة الرفاه كما تسمى في أدبيات التحليل السياسي – الذي تحققه بعض الدول المجتمعاتها من جهة كتدبير جيد ومتوازن للتراب مطبوع بالنتائج، أو في حالة العكس الاحتقان وانتشار وتنوع مظاهر الخصاص الذي تعرفه دول أخرى من جهة ثانية، مما يعطي الانطباع عن تدبير متواضع على مستوى منهجيته، وبالتالي نتائجه، كما يشكل إحدى الرهانات والتحديات التي تواجه أي دولة.
وأكدت الأرضية أن الدول تؤطر تدخلاتها وتنظم العلاقات بين السلط والمؤسسات داخلها من أجل ضبط و ترشيد سياساتها العامة والعمومية في تدبيرها للتراب، بمقتضى دساتيرها التي تنهل من الجيل المرتبط بها والمطلوب منها أن تترجم مضمونه في بنودها. وإذا كانت الدساتير الحالية أو القوانين الأسمى للدول تترجم الآن مضمون الجيل الثالث المتعلق بتوسيع دائرة الحقوق والحريات، ومحاولة كسب رهان تجسيدها الواقعي في إطار التدبير المعقلن للتراب الذي يحقق في الأخير التمكين الفعلي من الحقوق والحريات وإلا ستظل نصوصا شاردة في بنود أي دستور.
وشددت الأرضية على أن منطق التطور المتسارع خاصة في ظل الترابط العالمي الذي تفرضه تحديات العولمة التي أصبحت تفرض إعادة صياغة المفاهيم التقليدية والنمطية للسيادة في كل أبعادها، كما أصبح العالم الآن أمام الجيل الرابع جيل الثورة التكنولوجية وعصر الإنسان الآلي والذكاء الاصطناعي، وبالتالي أصبحت الدول أمام رهانات جديدة مصاحبة لهذه الثورة تفرض بالضرورة ملائمة تشريعاتها سواء الأساسية أو العادية، إضافة إلى أنماط تدبيرها لإقليمها مع هذه المستجدات التي لا تتيح أية إمكانية للاختيار، لأن عدم الانصهار في هذه الثورة وتوظيفها في خدمة تحسين وظائف الدولة، سيصعب من مأمورية الدول في الالتزام بأداء واجباتها اتجاه مواطنيها.
وسعت الدول، بحسب المصدر ذاته، إلى إحداث وحدات أو تنظيمات ترابية تحت رقابتها، إذ تختلف درجة التدبير واستقلاليتها وحجم المسؤوليات المنوطة بها باختلاف شكل الدولة بين الموحدة أو الفيدرالية.
وأشارت الأرضية إلى أن الدولة المغربية أشواطا في تنظيمها الترابي، حيث راكمت تجربة لا يستهان بها في هذا الباب، فمنذ الاستقلال إلى اليوم، ومسألة التدبير الترابي اللامركزي تطرح كأبرز مداخل تحقيق تنمية شاملة مبنية على محاولة تحقيق العدالة المجالية والتي تعد العنصر الأساسي لتحقيق العدالة الاجتماعية وتكريس بعض مبادئ التحول نحو الدولة الترابية من خلال نظام الجهوية المتقدمة التي تقتضي مزيدا من التفعيل لباقي مضامينها بعدما يقارب 10 سنوات من التطبيق.
وسجل المصدر ذاته إلى أن النظام اللامركزي ينبغي أن يسير بشكل متوازي وبنفس سرعة التحول مع نظام اللاتمركز الإداري حتى تكتمل مقومات الفعل العمومي الترابي باعتباره متلازمة أساسية في تدبير الدولة الحديثة لترابها، من خلال توظيف خصوصيات المجالات الترابية ومميزاتها الطبيعية والديمغرافية والبيئية والثقافية، التي بإمكانها اذا ما تم استغلالها بالشكل المطلوب أن تشكل عوامل قوة في تدبير معقلن للتراب، وفي السياق نفسه برزت مجموعة من المفاهيم مؤطرة للتدبير الحديث للتراب في المغرب أهمها: الجهوية المتقدمة التسويق الترابي، السياسات الترابية الحكامة الترابية التنمية الترابية، الديمقراطية المحلية وبالنظر المظاهر قصورها أصبحت تفرض مؤازرتها بالديمقراطية التشاركية من أجل توسيع قاعدة المشاركة المدنية في انتاج البرامج والسياسات الترابية، بالإضافة إلى تطوير بنية الاستثمار واعطائه البعد الترابي الذي يشكل عصب التنمية منذ بداية الألفية، وهي مجموعة من المرتكزات والآليات التي يجب تحقيقها لتدبير التراب بشكل فعال، يعتمد مقاربات حديثة تتوافق مع مظاهر التحول التنموي الذي تسعى اليه المملكة. وأصبح من المسلم به أن تسعى الدولة إلى بناء علاقات دولية متوازن…