خبير لـ”الميدان”: زيارة وزير خارجية الجزائر لسوريا محاولة لاستغلال الأزمات الإقليمية

زار وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، دمشق، السبت الماضي، في زيارة عمل رسمية هي الأولى من نوعها لمسؤول جزائري منذ سقوط نظام بشار الأسد في دجنبر، والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع.
واثارت زيارةوزير الخارجية الجزائري، أ إلى سوريا، جدلا واسعا، خاصة في ظل المتغيرات السياسية التي شهدتها دمشق بعد سقوط نظام الأسد، ورفض الرئيس السوري تسليم الجزائر مقاتلين جزائريين وعناصر البوليساريو قاتلوا إلى جانب النظام السابق.
ويرى هشام معتضد، الخبير الاستراتيجي في العالاقات الدولية، أن التحركات الدبلوماسية الجزائرية الأخيرة تكشف عن ارتباك واضح في نهجها السياسي، وتسعى جاهدة إلى استغلال الأزمات الإقليمية لإعادة تموضعها على الساحة الدولية.
وسجل معتضد، في تصريح خص به الميدان بريس، أن زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى سوريا تندرج ضمن هذه المناورة، لكنها تحمل في طياتها دلالات أعمق تتجاوز مجرد العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصاً في ظل محاولات الجزائر المستمرة لإيجاد موطئ قدم في ملفات بعيدة عن نفوذها التقليدي.
وتابع قائلا “تعكس هذه الزيارة استراتيجية دبلوماسية غير متماسكة، إذ تأتي في وقت تتجه فيه معظم الدول العربية نحو تعزيز الاستقرار والانخراط في مسارات واقعية للتعاون، بينما تحاول الجزائر إعادة إحياء سياسات قائمة على المقايضات السياسية. التوقيت الذي اختارته الجزائر لفتح قنوات تواصل مكثفة مع دمشق ليس عفوياً، بل يتزامن مع متغيرات إقليمية تسعى من خلالها إلى تثبيت حضورها عبر استغلال نقاط التوتر والملفات العالقة”.
وسجل الخبير الاستراتيجي أنه “في سياق قضية الصحراء المغربية، يبدو أن الجزائر تحاول تصدير أزمتها الدبلوماسية نحو الساحة السورية عبر نسج خيوط ارتباط بين الملفين، وهو أمر يعكس قصر نظر استراتيجي واضح. فقد فشلت الجزائر في فرض رؤيتها داخل القارة الإفريقية، كما أن جهودها في التأثير داخل المؤسسات الدولية لم تحقق النتائج المرجوة، ما دفعها إلى البحث عن بدائل عبثية في مناطق أخرى من العالم العربي”.
وزاد قائلا “أظن أن السعي لتحرير بعض العناصر المرتبطة بميليشيات البوليساريو من السجون السورية يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية لهذه الزيارة، خاصة في ظل غياب أي مبرر مقنع لهذا التحرك من منظور المصالح المشتركة بين البلدين. فالأمر لا يتعلق فقط باسترجاع مقاتلين سابقين، بل بمحاولة إعادة تدويرهم ضمن أجندات إقليمية قد تسعى الجزائر من خلالها إلى إعادة توزيع الأدوار داخل شبكات النفوذ التي تديرها في مناطق مختلفة”.
واعتبر معتضد أن الدبلوماسية الجزائرية تعاني من تناقضات بنيوية تجعلها غير قادرة على بناء تحالفات حقيقية قائمة على أسس المصالح المشتركة، بل تعتمد على مقاربات ظرفية تفتقر إلى بعد استراتيجي مستدام. هذه التحركات، رغم الضجيج الذي قد تحدثه، تظل محدودة التأثير في الواقع السياسي، حيث إن الدول المؤثرة في المنطقة تدرك جيداً الخلفيات التي تحرك الجزائر وتحاول من خلالها التغطية على إخفاقاتها، يضيف المتحدث ذاته.
وأكد الخبير في العلاقات الدولية أن الرهانات الدبلوماسية الجزائرية في سوريا، كما في مناطق أخرى، تعكس عقلية تدبيرية تعتمد على الاستثمار في الأزمات بدلاً من بناء سياسات خارجية مستقرة وذات مصداقية. وهذا النهج لم يعد فعالاً في ظل التحولات العميقة التي تعرفها العلاقات الدولية، حيث باتت المقاربات البراغماتية هي المحدد الرئيسي لنجاح السياسات الخارجية، وهو ما تفتقر إليه الجزائر.
وختم قائلا “بالمقابل، يظل الموقف المغربي في قضية الصحراء ثابتاً وواضحاً، مستنداً إلى دعم دولي متزايد وإلى رؤية دبلوماسية متوازنة وواقعية. هذه الديناميكية تعكس التفوق الاستراتيجي للمغرب في إدارة ملفاته الخارجية، مقابل التخبط المستمر للجزائر التي تجد نفسها مضطرة للبحث عن رهانات هامشية لتعويض خسائرها الدبلوماسية المتراكمة”.