معتضد لـ”الميدان”: تصريحات تبون حول الصحراء والتطبيع مع إسرائيل تؤكد عزلة الجزائر
عاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لنفث سمومه ضد المغرب ووحدته الترابية في حوار مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية نشرت الأحد.
ويرى الخبير الاستراتيجي هشام معتضدد أن تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لصحيفة لوبينيون الفرنسية تعكس تناقضات جوهرية في الموقف الجزائري تجاه القضايا الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وإمكانية التطبيع مع إسرائيل، واستمرار دعم البوليساريو، مشيرا إلى أن هذا التذبذب يسلط الضوء على هشاشة المقاربة الجزائرية، حيث يبدو أن النظام في الجزائر يفتقر إلى رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع التحولات الجيوسياسية المتسارعة، مما يجعله أسيرًا لمواقف أيديولوجية لم تعد تواكب الواقع الدولي.
وتابع قائلا “أظن أنه فيما يخص قضية الصحراء المغربية، بدا تبون متشنجًا إزاء احتمال اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، وهو ما يعكس تخوفًا جزائريًا من عزلة دبلوماسية متزايدة، خاصة بعد المواقف الواضحة لواشنطن ومدريد لصالح الرباط. بدلاً من تقديم رؤية عقلانية، يواصل النظام الجزائري تبني خطاب قائم على الإنكار والمراوغة، دون أي مقاربة عملية لمواجهة المتغيرات الجديدة. فبينما يعمل المغرب على تثبيت سيادته عبر مشاريع تنموية واستثمارات دولية، تبدو الجزائر عاجزة عن إيجاد بدائل سوى التمسك بموقفها التقليدي، الذي أصبح مكلفًا دبلوماسيًا واقتصاديًا”
وزاد قائلا “أما فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل، فقد أظهر تبون ارتباكًا واضحًا، حيث لم يستبعد الفكرة بشكل قاطع، رغم الهجوم المستمر للجزائر على المغرب بسبب اتفاقياته مع إسرائيل. هذه الازدواجية في الموقف تؤكد أن الجزائر لا تتبنى موقفًا مبدئيًا بقدر ما تستخدم القضية كأداة للمزايدات السياسية. فمن جهة، تدين الجزائر أي تقارب مغربي-إسرائيلي، ومن جهة أخرى، تترك الباب مفتوحًا أمام احتمال قيامها بنفس الخطوة، مما يعكس افتقارها إلى موقف ثابت وموثوق”.
وأكد معتضد، في تصريح خص به الميدان بريس، أن الدعم المستمر لجبهة البوليساريو، نموذج آخر لجمود الدبلوماسية الجزائرية، في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، أصبح هذا الرهان خاسرًا، حيث لم تحقق الجزائر أي مكاسب فعلية من دعمها المتواصل لهذا الكيان، في حين تمكن المغرب من إحراز تقدم دبلوماسي واقتصادي كبير في أقاليمه الجنوبية. الإصرار الجزائري على هذا النهج لا يخدم سوى تعميق عزلتها، في وقت تحتاج فيه إلى إعادة صياغة سياستها الخارجية بما يتماشى مع مصالحها الحقيقية.
ومضى يقول “أعتقد أن العزلة التي تعيشها الجزائر اليوم هي نتيجة مباشرة لهذا النهج المتصلب. فبينما يعزز المغرب حضوره على الساحة الدولية من خلال شراكات اقتصادية واستراتيجية متعددة، تبدو الجزائر محصورة في دائرة ضيقة من الحلفاء الذين لا يستطيعون تقديم دعم فعال لمواقفها. غياب الدبلوماسية البراغماتية يجعلها غير قادرة على مواكبة الديناميكيات الجديدة، حيث أن الاقتصار على التصعيد الإعلامي دون تبني حلول واقعية يجعلها أقل تأثيرًا على المستوى الإقليمي”.
وشدد الخبير الاستراتيجي أن المغرب يظهر كقوة إقليمية صاعدة، ليس فقط بفضل الدعم السياسي الذي يحظى به، ولكن أيضًا من خلال توظيفه الناجح للبعد الاقتصادي في سياسته الخارجية. في المقابل، تظل الجزائر أسيرة خطابات سياسية غير مدعومة بإنجازات ميدانية، مما يجعلها غير قادرة على المنافسة الفعلية. فبينما تعتمد الرباط على الدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز مكانتها، لا تزال الجزائر تراهن على شعارات لا تجد لها صدى لدى الفاعلين الدوليين، يضيف معتضد
وأكد معتضد أن التصعيد المستمر في الخطاب الجزائري دون تقديم حلول عملية يفاقم من عزلتها، حيث أن المجتمع الدولي يبحث عن استراتيجيات براغماتية تساهم في الاستقرار، وليس مجرد مواقف أيديولوجية لا تقدم أي قيمة مضافة. الجزائر تجد نفسها اليوم أمام مفترق طرق، حيث لم يعد بالإمكان الاستمرار في السياسات القديمة دون دفع ثمن باهظ، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الاقتصادي.
وأشار إلى أن تصريحات تبون تؤكد أن الجزائر تعاني من مأزق سياسي حقيقي، حيث تجد نفسها مجبرة على إعادة النظر في سياساتها، لكنها تفتقر إلى القدرة على اتخاذ قرارات جريئة تواكب التغيرات الدولية. في المقابل، يواصل المغرب تعزيز موقعه كقوة إقليمية مؤثرة، مما يجعل الهوة بين البلدين تزداد اتساعًا، ليس فقط على المستوى الدبلوماسي، ولكن أيضًا في موازين القوى الإقليمية.