هل يعيد ابن كيران الإسلاميين للحكم بالمغرب؟

انتخب المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، الاسبوع الماضي، عبد الإله ابن كيران أمينا عاما للحزب، لولاية جديدة، في محطة تنظيمية حظيت بمتابعة إعلامية كبيرة، خاصة وأن الحزب تعرض لهزات تنظيمية قاسية، وحصل على نتائج انتخابية ضعيفة جدا، حعلته ينحدر إلى الرتبة الثامنة في الخريطة السياسية المغرب، بعد أن كان القوة السياسية الأولى في البلاد.

وسيقود ابن كيران الحزب في ظلّ ظروف في غاية التعقيد، بعد أن تراجع حضوره بالمؤسسات المنتخبة، وفقد الحزب  فريقه البرلماني بمجلس النواب وتحول إلى مجموعة برلمانية فقط، وأصبح خارج أغلبية المجالس المنتخبة، إضافة إلى لعنة توقيع التطبيع مع إسرائيل، التي تلاحقه.

 

استمرار ابن كيران على رأس الحزب، الذي تسلمه في 2021، بعد مؤتمر استثنائي عقب استقالة سعد الدين العثماني وقيادته، بعد الهزيمة الانتخابية التي مني بها وحصوله فقط على 13 برلمانيا مقابل 125 برلمانيا سنة 2016، يؤكد أن قواعده مازالت تؤمن أن ابن كيران يملك من الحنكة ما يؤهله إلى تجاوز صدمة الهزيمة وجمع شتات مناضليه والذهاب إلى انتخابات 2026 متراص الصفوف واستعادة الوهج البريق الذي فقده الحزب.

تعرض حزب العدالة والتنمية هزات متتالية بدأت عندما فشل ابن كيران نفسه في تشكيل النسخة الثانية من حكومته سنة 2017، الامر الذي أدى إعفائه من قبل الملك، وتعيين العثماني مكانه، لتأتي الضربات بشكل متتال، انطلاقا من المصادقة على قانون فرنسة التعليم مرورا عبر تمرير قانون تقنين القنب الهندي، ووصولا إلى توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، الذي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وصدمت قواعد الحزب، الذي رفع دائما شعارات تضامنية مع فلسطين، وغادره مناضلون كثر.

ظل ابن كيران يردد أن الدولة مع وقعت التطبيع وليس الحزب، في محاولة لتخفيف من وقع الصدمة ، قائلا “الذي يمضي اليوم في التطبيع مع إسرائيل هو الدولة التي يسيرها الملك وليس الحزب”، مطالبا سعد الدين العثماني بالاعتذار بعد  توقيعه هذا الاتفاق.

 

ردد المؤتمرون شعارات تناصر القضية الفلسطينية طيلة فقرات المؤتمر للتأكيد على موقفهم التابث والراسخ من القضية الفلسطينية ومطالبين الدولة بإسقاط كل اشكال التطبيع، وهو المطلب الذي تضمنه البيان الختامي للمؤتمر للتحلل من الاتفاق الذي وقعه الامين العام السابق.

يراهن حزب العدالة والتنمية من خلال انتخاب ابن كيران على رص صفوفه وتماسكها، وعودة الغاضبين من القيادة السابقة، والذهاب إلى المحطة الانتخابية المقبلة بنفس جديد وبرنامج جديد، والتأكيد على أن نور المصباح لم ينطفئ، كما يراهنون على دهاء أمينهم العام الحالي وقدرته على تدبير وإدارة الصراع السياسي  وتوجيه النقاش وامتصاص الضربات وحضوره اللافت وشخصيته الكاريزمية، لإعادة الحزب إلى الواجهة مرة أخرى، بعد أن تضررت صورته كثيرا .

راكم  ابن كيران تجربة في الحياة السياسية طويلة جلعته يعرف متى يهادن ومتى يهاجم، وكيف ينحني للعواصف، إذ نجا في أكثر من مرة من فرض الفخاخ نصبت له، وخرج سالما، بل منتصرا من معارك سياسية دخلها، وأصبح قادرا على فهم التحولات الاستراتيجية العميقة التي عرفتها الدولة والصراعات السياسية التي تجري على مستوى الوطني، ما مكنه من إدارتها وفق ما يريد هو، لا ما يريد خصومه.

وسيواصل الحزب البناء الداخلي وتقوية  هيئاته المجالية وتطوير برنامجه الانتخابي ليستجيب لشروط المرحلة التي يمر منها المغرب، والتي تتسم بالتحضير للاستحقاقات المقبلة، أبرزها تنظيم كأس العالم 2030، وما يقتضيه ذلك من عمل متواصل وبرامج تواكب ما تتطلع إليه المملكة.

استمرار ابن كيران على رأس الحزب  رغبة جماعية لقواعد الحزب  وأمل في استرجاع الحضور النوعي للحزب، ورسالة إلى الجميع أن الحزب يدار بدمقراطية داخلية لا محيد عنها ويدبر اختلافاتها داخل أجهزته، وبعيدا عن الانقسام والانشقاق، وهو ما تجلى من خلال تشكيلة الأمانة العامة الجديدة والاسماء التي التحقت بها.

والمثير للاهتمام أن ابن كيران، الذي يزداد قوة وشعبية مرة أخرى  بسبب استثماره الجيد لأخطاء الحكومة وضعف الخصوم السياسيين وإيمان قواعد حزبه بقدرته على إدارة النقاش، ظل صامدا رغم الرياح العاتية التي واجهها، بل استطاع أن يعيد للحزب بعضا من حيويته، وهو ما يجعله مرة أخرى تحت أضواء الكاميرات والمتابعة، قبيل التشريعيات المقبلة.

فهل يعيد ابن كيران الإسلاميين للحكم؟

 

مقالات ذات صلة