قبيل مؤتمر البيجيدي.. حامي الدين يضع الإصبع على جرح “العدالة والتنمية”

على بعد حوالي أسبوعين من موعد المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، اختار القيادي البارز عبد العلي حامي الدين أن يوجه رسالة نقدية داخلية قوية، عبر تدوينة نشرها على حسابه الرسمي، دعا فيها إلى مراجعة عميقة لمنهجية اتخاذ القرار داخل الحزب، مؤكدا أن غياب الشورى والاحتكام للمؤسسات كان من أبرز أسباب التراجع السياسي والتنظيمي الذي شهده “البيجيدي” خلال السنوات الأخيرة.
وقال حامي الدين إن السياسة ليست علما دقيقا، بل مجال للاجتهاد والتقدير، مذكرا بقول ابن القيم: “السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد… وهي موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام”.
من هذا المنطلق، شدد المتحدث على أن القرارات المتعلقة بالشأن العام لا ينبغي أن تُحسم بلغة الجزم والقطع، بل عبر التداول والنقاش الحر، في إطار مؤسساتي واضح وملزم.
وأشار القيادي في الحزب إلى أن غياب الشورى والارتباك المؤسساتي تجلى بوضوح في محطات مفصلية، أبرزها مرحلة ما بعد “البلوكاج الحكومي”، حيث بدا الحزب وكأنه يسير برؤوس متعددة.
واعترف حامي الدين بأن هذا التشتت كان ينبغي الاعتراف به من باب النقد الذاتي لا أقل ولا أكثر.
وفي سياق تعداده للقضايا التي كان من الممكن معالجتها بشكل أفضل لو تم احترام الآليات الشورية، ذكر حامي الدين ملفات حساسة مثل تقنين القنب الهندي، والقانون الإطار لإصلاح التعليم، و”واقعة التوقيع”، في إشارة إلى توقيع سعد الدين العثماني الأمين العام السابق للحزب على اتفاق التطبيع مع إسرائيل دون الرجوع إلى مؤسسات الحزب، معتبرا أن هذا المسار ترك انطباعا بـ”تفكك الحزب”، وهي صورة لا تزال تطارد الحزب رغم محاولات الترميم الجارية.
وأضاف أن القرارات الفردية، حتى وإن بدت صائبة، تتحول إلى عبء على أصحابها ما لم تمر عبر القنوات الرسمية للحزب.
وخلص إلى أن أبرز العبر المستخلصة من تجربة العدالة والتنمية هي ضرورة تفعيل المؤسسات التقريرية عند كل موضوع خلافي، وتحمّل المسؤولية الجماعية، لأنه “من استغنى برأيه فقد خاطر”، كما قال الإمام علي رضي الله عنه.
وتأتي هذه التدوينة في ظرفية دقيقة، حيث تترقب قواعد الحزب مخرجات المؤتمر الوطني التاسع، وسط تساؤلات حول طبيعة القيادة المقبلة، وتحديد بوصلة التنظيم بعد تجربة حكومية مثقلة بالانتقادات وهزيمة انتخابية غير مسبوقة لا تزال تداعياتها حاضرة بقوة في المشهد الداخلي للعدالة والتنمية.