بلاغ الأغلبية… لغة الخشب أمام غضب اجتماعي

أصدرت أحزاب الأغلبية الحكومية بلاغًا مطولًا عقب اجتماعها الأخير، قدّم نفسه كجواب على المستجدات السياسية والاجتماعية. البلاغ تحدّث عن “الإنصات للمطالب”، و”التجاوب المسؤول”، واستحضر الإصلاحات الكبرى في الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بل وذكّر بالتوجيهات الملكية، في محاولة لبناء صورة من الطمأنة والجدية.

لكن خلف هذه الصياغة، يظهر مشكل عميق: اللغة المستعملة لا تُقنع الشارع. فهي لغة خشبية مكررة، تعِد ولا تُنزل، تفسر دون أن تلمس جوهر الأزمة. في الوقت الذي يعيش فيه المواطنون احتقانًا حقيقيًا، يأتي الخطاب الرسمي وكأنه صادر من عالم موازٍ، منفصل عن نبض الناس.

الأخطر أن مثل هذه البلاغات، بدل أن تهدئ الوضع، قد تُفجره. فحين يُغلف الغضب الاجتماعي بعبارات منمقة عن “الإصلاح” و”الإنصات”، دون إجراءات ملموسة وسريعة، يتحول الخطاب نفسه إلى جزء من المشكلة. وحينها، لا يمكن تعليق المسؤولية على “قمع الاحتجاجات” أو على ردود الفعل الأمنية، بل على هذا النوع من البيانات التي تُشعر المواطنين بأن الحكومة لا تعيش معهم واقعهم اليومي.

الخلاصة: الأزمة اليوم ليست في غياب البرامج على الورق، بل في غياب الثقة. وكلما ازداد التباعد بين لغة الأغلبية ولغة الشارع، زاد احتمال الانفجار الاجتماعي، وتراجعت شرعية المؤسسات السياسية.

بقلم : فريد مفتاح
محام وباحث في السياسات العمومية

مقالات ذات صلة