الحركة الشعبية تتحرك تنظيميا وسياسيا لـ2026.. أوزين لـ«الميدان »: العمل الحزبي أكثر من مجرد انتخابات

يشهد حزب الحركة الشعبية في الآونة الأخيرة حركة تنظيمية مكثفة تهدف إلى إعادة رص صفوفه وتعزيز بنيته الداخلية، في إطار الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وهو الحراك التنظيمي يعكس رغبة الحزب في استعادة مكانته السياسية وتعزيز تأثيره في المشهد الوطني.
محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، يتحرك بشكل مكثف بين مدن وأقاليم المملكة، مشاركًا في العديد من اللقاءات والفعاليات التنظيمية. هذا النشاط يعكس رغبته في إعادة الحزب إلى الواجهة السياسية، والعمل على توحيد الصفوف وبث نفس جديد في هياكله.
ويظل حزب الحركة الشعبية حاضرًا بقوة في البرلمان من خلال تدخلات برلمانييه النشيطة وتقديم مقترحات القوانين التي تعكس التزامه بقضايا المواطنين. هذا الحضور البرلماني الفاعل يسعى الحزب من خلاله إلى تعزيز صورته كقوة سياسية مؤثرة قادرة على المساهمة الفعلية في التشريع ورقابة الحكومة.
ومن بين أبرز التحركات التي قام بها داخل مجلس النواب، مطالبة الفريق النيابي للحزب بمهمة استطلاعية حول دعم استيراد المواشي والأبقار، وهي المبادرة التي تقدّم بها في فبراير الماضي، وكان سبّاقًا إلى طرحها مقارنة بباقي الفرق البرلمانية. وتُحسب هذه الخطوة للحزب كنقطة إيجابية تُعزز موقعه في مواجهة خصومه، خصوصًا في سياق النقاش العمومي حول الشفافية وتدبير المال العام.
كما يحرص فريقا الحزب بمجلسي النواب والمستشارين على عقد لقاءات منتظمة يتم خلالها مناقشة مواضيع تهم المواطنين بشكل مباشر، إلى جانب تتبع السياسات الحكومية ومشاريع القوانين المعروضة على البرلمان. وتهدف هذه اللقاءات إلى تطوير الأداء البرلماني للحزب، وصياغة مواقف مدروسة تمكّنه من كسب نقاط سياسية في سياق تنافسي يعرف تصاعدًا في وتيرة الاستعدادات للانتخابات المقبلة.
وفي سياق الدينامية نفسها، أقدم الحزب على تأسيس تنظيم موازٍ يهم الطلبة الجامعيين، في خطوة تهدف إلى استقطاب فئة الشباب وتأطيرها سياسياً داخل الفضاء الجامعي.
كما يعقد حزب الحركة الشعبية، في الكواليس، لقاءات متواصلة مع عدد من الوجوه السياسية البارزة المنتمية لأحزاب أخرى، في إطار مساعٍ لاستقطاب كفاءات سياسية جديدة تعزز صفوفه، خصوصًا في الأقاليم والجهات التي يسعى فيها لتقوية حضوره التنظيمي والانتخابي.
وفي هذا السياق، يُسجَّل انضمام “التكتل الديمقراطي المغربي” بشكل رسمي إلى حزب الحركة الشعبية في دجنبر الماضي، وهو ما يشكل خطوة تعكس انفتاح الحزب على مكونات وتيارات سياسية أخرى، وتوسعًا في القاعدة التنظيمية للحركة.
بهذا الزخم التنظيمي والبرلماني، يبدو أن الحركة الشعبية تُراهن على استعادة بريقها السياسي، والتموقع من جديد كفاعل رئيسي في الخريطة الحزبية المغربية، وهي تسابق الزمن من أجل تحقيق جاهزية تنظيمية وانتخابية تؤهلها للعودة القوية في استحقاقات 2026.
وعبّر محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، عن استغرابه من ربط النشاط الحزبي فقط بالاستحقاقات الانتخابية، مشيرًا إلى أن الانتخابات رغم أهميتها تظل محطة مؤقتة في مسار سياسي دائم يهدف إلى خدمة الوطن في كل وقت وبعيدا عن الموسمية.
في تصريح خص به موقع الميدان بريس، وصف أوزين الموسمية السياسية بأنها تفرز ظهورًا لحظيًا لشخصيات وأحزاب لا تتحرك إلا عند اقتراب مواسم الانتخابات، مضيفا: تلك الموسمية التي نجم عنها الظهور اللحظي لدكاكين وشخوص انتخابية لا تتحرك طوال الأيام، وحين يقترب موسم الانتخابات تطفو على الساحة من أجل التشويش، لينطبق عليها المثل: “سكت دهرا ولما نطق نطق كفرا”.”
ودعا أوزين إلى الرجوع إلى تاريخ العمل السياسي بالمغرب لفهم طبيعة الحركة الشعبية وأسباب ديناميتها، موضحًا أن الحزب تأسس مع مطلع استقلال المغرب، بعيدًا عن أجندات انتخابية ضيقة.
وقال:”لما تأسست الحركة الشعبية مع مطلع استقلال المغرب، لم تكن لدى مؤسسيها الرواد أدنى أجندة انتخابية، علما أن أول دستور للمملكة صدر سنة 1962، بل كان همهم، وهو المنحدرون من المقاومة وجيش التحرير، هو قطع الطريق أمام الاستبداد والفكر الأحادي، والدفاع عن المؤسسات وفي طليعتها المؤسسة الملكية التي قادت حركة المقاومة من أجل استقلال المغرب وكرامة المغاربة.”
وأكد أن هذه التوضيحات ضرورية لتصحيح المفاهيم المغلوطة حول مسار الحزب، وفهم الدينامية الجديدة التي يشهدها منذ المؤتمر الوطني الأخير، حيث تقلد مسؤولية الأمانة العامة، وهي مسؤولية كبيرة لكنه قبلها إيمانا بقدرة الكفاءات التي تحيط به، وبإرادة الحركيات والحركيين في تحقيق “البديل الحركي”.
وتابع قائلا”لقد قررت تحمل هذه المسؤولية من منطلق إيماني بأنني سأجد في صفي كفاءات من كل الفئات، مؤمنة أشد الاقتناع بأن تحقيق البديل الحركي ممكن بإرادة وعزم كل الحركيات والحركيين.”
وشدد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن ثقة الحركيات والحركيين في شخصه لم تكن صدفة أو مجرد تعبير شكلي، بل هي نتاج مباشر لالتزامه العميق بتنزيل مشروع سياسي وتنظيمي واضح، قدّمه وترافع من أجله خلال المؤتمر الوطني الأخير للحزب.
وقال أوزين إنه تعهد بأن يكون أمينًا عامًا لجميع أعضاء الحزب، معتبراً أن هذا الدور يتطلب تقدير الجميع دون تحيز، مع الاعتماد على معايير صارمة ترتكز على المردودية والنجاعة والعطاء، بالإضافة إلى القدرة على الانخراط في مشروع سياسي جديد يعكس تطلعات المغرب الحديث.
وأضاف: “أحتكم إلى معايير المردودية والنجاعة والعطاء والقدرة على الانخراط في مشروع سياسي جديد، قادر على مواكبة سرعة وفعالية إنجازات جلالة الملك محمد السادس ورؤية جلالته لمغرب مؤثر وفاعل على الساحة الإقليمية والدولية.”
على مدى ثلاث سنوات من قيادته، لم تتوقف دينامية الحزب، سواء عبر تجديد المنظمات الموازية أو تأسيس روابط مهنية جديدة، في إطار الانفتاح على جميع أطياف المجتمع. وقال: “لقد كنا ولا نزال حاضرين بقوة، ننظم ونهيكل ونعلن عن المواقف غير عابئين بالمواقع من كل القضايا في الوقت الفعلي، ونقترح البدائل لكل الإشكاليات والمعضلات، من منطلق إيماننا بألا مجال للانتظارية وترقب المعجزات.”
وأشار إلى أن الحزب فخور بما حققه من مكتسبات ومواقف رسخت موقعه كرقم لا يمكن تجاوزه في المعادلة السياسية الوطنية.
كما أعرب عن ارتياحه للتجاوب الكبير الذي يحظى به الحزب في مختلف المناطق والجهات. وأضاف: “نعتبر ذلك الرصيد الذي سنخوض به الاستحقاقات الانتخابية، التي ليست هدفنا الأسمى، بقدر ما هي آلية ديمقراطية ستتيح لنا إمكانية العطاء أكثر من أجل المغرب، من خلال تنزيل بديلنا الحركي.”