حزب الرئيس السابق لجنوب إفريقيا يدعم مخطط الحكم الذاتي.. معتضد لـ”الميدان”: اختيار استراتيجي يُراعي استقرار المنطقة

أعلن حزب رمح الأمة (MK Party) بقيادة الرئيس جاكوب زوما، دعمه الكامل لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، معتبرا إياها الحل الواقعي والنهائي لنزاع الصحراء.
ودعا الحزب، وهو ثالث أكبر قوة سياسية في البرلمان وأقوى حزب معارض، إلى تحالف استراتيجي اقتصادي ودبلوماسي مع الرباط، باعتبار البلدين يشتركان في تاريخ نضالي ضد الاستعمار، وأن تقاربهما يخدم وحدة القارة ومشروع التحرر الاقتصادي.
واعتبر هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية، أن موقف حزب “أم كاي” بقيادة جاكوب زوما يُعدّ تحوّلًا سياسيًا ذا دلالة رمزية قوية، خصوصًا في ظل صمت طويل من الطبقة السياسية الجنوب إفريقية التي طالما رددت خطابات التضامن غير المشروط مع الطرح الانفصالي. إعلان الدعم للحكم الذاتي يفتح المجال أمام إعادة النقاش داخليًّا في جنوب إفريقيا حول فاعلية السياسة الخارجية تجاه ملف الصحراء، كما يُضعف رواية الجزائر التي كانت تُقدَّم داخل جنوب القارة بوصفها “الثابت الإيديولوجي” الوحيد منذ عقود.
وتابع قائلا “من منظوري، هذا التحول لا يمكن فصله عن دينامية دولية بدأت تعيد ترتيب أولويات الأمن والاستقرار في إفريقيا، وهو ما يتطلب مقاربات جديدة تتجاوز منطق الحرب الباردة والتضامن الثوري العقيم. حزب “أم كاي”، برمزيته، يدرك أن دعم الكيانات الانفصالية لم يعد يحظى بشرعية أخلاقية ولا استراتيجية في السياق الدولي الراهن، حيث أصبحت وحدة الدول وسيادتها شرطًا للاستقرار الإقليمي”.
وأكد معتضد، في تصريخ خص به الميدان، أن اختيار هذا الحزب تبني المبادرة المغربية يعكس إدراكًا عميقًا بأن المشروع الانفصالي لم يعد مقنعًا، لا سياسيًّا ولا أمنيًّا، خاصة مع انكشاف صلات مقلقة بين بعض عناصر البوليساريو والتنظيمات الإرهابية في الساحل، مضيفا أن مثل هذه التطورات الأمنية تزيد من كلفة التمسك بمواقف إيديولوجية متجاوزة، وتُعطي وزناً أكبر لأي مقاربة واقعية مثل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وزاد قائلا “من وجهة نظري، هذا الموقف لا يُعدّ فقط موقف حزب سياسي، بل يُمهد لتحوّل فكري داخل المجتمع السياسي الجنوب إفريقي نحو قراءة أكثر عقلانية للنزاعات الإفريقية”، موضحا إنّ “دعم الوحدة الترابية للمغرب في هذا السياق لا يُقرأ على أنه اصطفاف، بل كاختيار استراتيجي يُراعي استقرار المنطقة ومصالح الشركاء الإقليميين.”
وأوضح معتضد أن زوما يُراهن على هذه الخطوة ليس فقط للتموقع السياسي الداخلي، ولكن أيضًا للانفتاح على محور إفريقي جديد بقيادة المغرب، بات يتمتع بنفوذ اقتصادي وأمني متزايد في غرب ووسط القارة. هذا الانفتاح على المغرب يُمكن أن يخلق فرصًا جديدة للحوار القاري المبني على المصالح المشتركة، وليس على الولاءات الإيديولوجية الجامدة.
وسجل المتحدث ذاته أن ما يعزز أهمية هذا التحول أنه يأتي في سياق تراجع متواصل للطرح الانفصالي في إفريقيا، حيث تخلّت دول عديدة عن الاعتراف بالكيان المزعوم، بينما لم تُسجل أي حالة عكسية تُذكر في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا التوازن الجديد يُظهر بوضوح أن المغرب نجح في التسلل إلى ما كان يُعتبر “المعسكر المعادي”، بينما فشلت الجزائر في اختراق جبهة الدول الداعمة للوحدة الترابية للمملكة.
وتابع “أميل إلى القول إن هذا الموقف من حزب “أم كاي” يُوجه أيضًا رسالة إلى النخب الإفريقية بأن الانفتاح على المغرب أصبح أكثر واقعية وشرعية، خاصة في ظل الدعم المتزايد الذي تحصده مبادرة الحكم الذاتي من قبل قوى دولية وازنة. وهو ما يُعزز موقع المغرب في أية تسوية نهائية ممكنة لهذا النزاع المفتعل، سواء داخل الاتحاد الإفريقي أو في أروقة الأمم المتحدة.
وشدد معتضد أن هذا التطور يحمل في طياته بداية تآكل الجبهة الإيديولوجية التي وقفت إلى جانب الجزائر لعقود، ويُبرز تفوّق الذكاء الدبلوماسي المغربي القائم على البراغماتية، الحضور الاقتصادي، ونسج التحالفات الذكية. وهو ما يجعل أي اختراق إضافي في جنوب القارة مسألة وقت، خصوصًا مع تنامي حاجة الدول الإفريقية إلى شركاء موثوقين وقادرين على توفير الأمن والتنمية، وهما معًا ركيزتا الدبلوماسية المغربية في إفريقيا.