في ندوة لمؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة.. باحثون يقاربون مسيرة سعيد حجي بأصوات متعددة

متابعة: نورة الخير
قارب باحثون التجربة النضالية والأدبية والإعلامية لرجل الأدب والصحافة والإصلاح سعيد حجي الذي وصف بكونه “قيدوم الصحافيين” و”رائد الصحافة الوطنية”، وذلك في ندوة لمؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة بسلا حملت عنوان “سعيد حجي المثقف والوطني” وذلك يوم الجمعة 16ماي 2025.
أدار أشغال اللقاء الأستاذ عبد الجليل الناظم، الذي أشار إلى أهمية مثل هذه اللقاءات، لكونها تسلط الضوء على الشخصيات التي كان لها الدور الكبير في الثقافة والوطنية. كما ذكّر بأن حياة سعيد حجي كانت قصيرة لكنه عاشها بكثافة، متحدثا عن أهمية الفترة التي عاش فيها والتي تزامنت مع فرض الحماية على المغرب. واعتبر الناظم أن لسعيد حجي رؤية تنفتح على العالم؛ حيث وصفه بالرائد الاستثنائي، لكونه لم ينتسب إلى مدرسة من المدارس واستطاع تشكيل رؤية خاصة به من خلال تجربته الخاصة، واصفا رؤيته الفكرية بأنها قائمة على مشروعين هما المعرفة والحرية، من خلالهما تمكن من تكوين رؤية نقدية تسنتد إلى شمول المعارف وتفاعلها وتقدمها. والحرية عند يوسف جحي لها خلفية وجودية –حسب الناظم- ترتبط بالابداع في كل المجالات، في الشعر والصناعة والتجارة والسياسة والإعلام والتربية والتعليم.
كلمة مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة ألقاها الأستاذ فريد القادري الذي تحدث عن أهمية هذه الندوة؛ مشيرا إلى ضرورة الرجوع إلى الذاكرة من خلال استحضار هذه الشخصيات والبحث فيما قدمت للفكر والمعرفة والوطن، ومسلطا الضوء على دور سعيد حجي في صون الذاكرة وفي مقاومة المستعمر وصد جشعه، بالإضافة إلى دوره في التخطيط للخروج من دائرة التخلف والجمود أنداك. كما اعتبرأن سعيد حجي من مؤسسي الحركة الوطنية الأوائل؛ إذ كانت له مساهمة كبيرة في تحرير مطالب الشعب المغربي التي قدمت إلى سلطات الحماية، وذلك لكونه كان أدبيا ورائدا من رواد الحركة الوطنية الأوائل وصحفيا.
بعد ذلك تحدث الأستاذ صالح شكاك في المداخلة الأولى بعنوان “الأبعاد الوطنية في كتابات ومواقف سعيد حجي” ، مفتتحا كلامه عن شخصية سعيد حجي والتي يمكن تناولها وفق مجموعة من المقاربات المتعددة الأبعاد والحضور في عدة مجالات مع غزارة في الكتابة، رغم أنه عاش فترة زمنية قصيرة.
وأكد الأستاذ شكاك أن شخصية سعيد حجي هو واحد من النخبة المغربية في زمن الحماية، وبالاضافة إلى فكره الإصلاحي، في مدينة سلا التي ينتمي إليها والزاخرة بالفقهاء وبالعلماء وبالأدباء وبرجال الصحافة والوطنيين، كما ربط المتدخل مواقف سعيد حجي الوطنية من ظهير 16 ماي 1930 المعروف بالظهير البربري والعديد من القضايا الاجتماعية والسياسية المتفردة، عبّر عنها في مقالاته حيث اتخذ من القلم سلاحا للمواجهة ثم دعوته إلى النهضة والإصلاح، بالإضافة إلى تدخلاته في الحقل التعليمي خاصة في القرويين وقضية إصلاح التعليم من خلال حث المشرفين على الاهتمام باللغات، تعددت مداخلاته في حقول أخرى ذات أبعاد تكوينية كالأدب والسياسة والصحافة … وله كتابات وطنية جريئة ومتميزة، مثلما كانت له كتابات في الدفاع عن حرية التعبير و النشر ، و توقف مليا عند حضوره القوي في ميدان الصحافة لكونه كان مديرا لجريدة المغرب، وكانت هاته الجريدة منبرا كتب على صفحاتها العديد من المفكرين والأدباء والوطنيين… كما كانت منبرا لمقالاته وكتاباته المتعددة الأبعاد. وختم الأستاذ صالح مداخلته بالحديث عن سعيد حجي و إقامته بالشرق، ودفاعه المستميت عن الشخصية المغربية وخصوصياتها أمام بعض الأراء التي لم تنصف المغاربة وقيمهم وشخصيتهم…
المداخلة الثانية قدمها محمد عبد الصمد الادريسي الباحث في مختبر السرديات وتحليل الخطابات الثقافية، حيث تحدث عن “الحاجة إلى بناء سردية وطنية من خلال نموذج سعيد حجي”. واففتح المتدخل كلمته بتوضيح مفهوم السردية الوطنية بكونها بناء رمزيا وتاريخيا وثقافيا، يمكن أن يسهم في تشكيل ملامح قصة كبرى عن لحظة تاريخية أو ثقافية أو مرحلة ما وحتى عن وطن بأكمله. وذهب الباحث إلى أن شخصية سعيد حجي تختزل العناصر الضرورية للحديث عن سردية، وذلك رغم الفترة القصيرة التي عاشها ولا تتجاوز ثلاثة عقود، عاشها بالعرض لا بالطول في الأدب والصحافة والنشر والنضال وأطلق عددا من المشاريع ومات وهو يفكر في أخرى. وتوقف المتدخل عند الشخصية الرمزية لحجي وما تتميز به من تحدّ جعلت منه لحظة ثقافية من اللحظات الوطنية التي تستحق الدراسة. وتوقف عند سيميائية الفعل أو العمل في حياة حجي، مشددا على أن ما ميزه هو قدرته على أن يكون بطل قصته وبطل وطن من خلال كفاءته العالية في الفعل والإنجاز في التاريخ.
عائشة بوزرار، الباحثة في الإعلام والتسويق الرقمي، قدمت المداخلة الثالثة بعنوان “سعيد حجي وقضية المرأة: رؤية نهضوية في سياق الحركة الوطنية المغربية”، حيث تناولت أهمية شخصية سعيد حجي ودروه الفعال في الحركة الوطنية، بعدها انتقلت لتتحدث عما قام به بخصوص قضايا المرأة وتعليمها ودورها الاستراتيجي داخل المجتمع. فقد دعا حسب المتدخلة إلى إنشاء مدارس بغية تعليم الفتيات ودعم التعليم المختلط، لإيمانه بأن التعليم هو المدخل لتحرير المرأة وتمكينها من تحرير المجتمع. وأضافت الباحثة أن سعيد حجي كان فعّالا في بناء المناهج التربوية، لأنه يرتكزعلى رؤية تجمع بين ماهو ثقافي من صميم التقاليد وما هو حداثي مستدنا إلى قيم المجتمع المغربي في الدفاع عن حقوق المرأة مع انتفاحه على قضايا العصر.أما في المجال الاجتماعي فأشارت الباحثة إلى دوره الفعال في إصلاح قوانين الأسرة وحقوق المرأة في العمل والمشاركة السياسية، ومطالبته بالمساواة في الحقوق والواجبات. ثم ختمت ورقتها بمقارنة بين رؤية سعيد حجي وبين ما قام به علال الفاسي ومحمد الحجوي في نفس الفترة، ورؤية طل منهم الإصلاحية، خاتمة بأن سعيد حجي استطاع الجمع بين الهوية المغربية والانفتاح على العصر.