جيل Z الصحي .. وجع المستشفيات و المراكز الصحية المغربية الذي لا يُرى

في قلب المستشفيات و المراكز الصحية العمومية، تتردد يومياً صرخات الألم التي يطلقها المواطنون، لكن ما لا يلتفت إليه كثيرون هو أن بين الجدران نفسها صرخات أخرى مكتومة، صرخات الأطباء والممرضين و تقنيي الصحة و القابلات و المروضون و مساعدي العلاج و تقنيي النقل و الاسعاف الصحي و الأطر الإدارية و التقنية الذين أنهكتهم الظروف، وأتعبتهم معركة صامتة يخوضونها ضد الإهمال والضغط والتهميش و الاعتداءات و التنكيل اليومي. إنهم جنود في الخطوط الأمامية، يداوون الآخرين فيما جراحهم النفسية تتسع بصمت.
فهذا الذي يقف لساعات طويلة بلا انقطاع، و هذه التي تركض بين عشرات المرضى بحثاً عن سرير أو دواء غير متوفر، و ذلك الذي يعمل بأدوات عفى عنها الدهر… جميعهم يعيشون ضغطاً ينهش الروح والجسد. إنهم بشر، لكن يُطلب منهم أن يكونوا آلات لا تتعب، وأن يقدموا المستحيل في واقع لا يمنحهم أبسط مقومات العمل الكريم.
وراء المظهر المهني الصارم تختبئ حكايات صادمة: اطر صحية أصيبوا بأمراض مزمنة جراء الإجهاد المستمر، و آخرون عانوا من انهيارات عصبية، وحالات انتحار مفجعة لأطر لم تعد تحتمل ثقل المسؤولية ولا قسوة الصمت المجتمعي. إنها قصص حزينة قلّما تجد طريقها إلى العلن، لأن بوحهم يُعتبر ضعفاً، في حين أنه في الحقيقة صرخة استغاثة.
المسؤولية هنا لا تقف عند تحسين الرواتب أو تجهيز المستشفيات فقط، بل تتعداها إلى إعادة الاعتبار للإنسان الذي يرتدي الوزرة البيضاء. إنهم يحتاجون إلى دعم نفسي، إلى حماية قانونية، إلى برامج تمنعهم من السقوط في فخّ “الاحتراق المهني”. إصلاح الصحة لا يمكن أن يكتمل إن ظل من يسهرون عليها ينزفون في صمت.
اليوم و امام تزايد حملة التشويه و المس بمهنيي الصحة و تحميلهم مسؤولية فشل السياسات العمومية للصحة و عجز منظومة بسبب حكومة تعشق لعب ادوار الاستعراض و الشماعة، فإننا نطالب بلحظة وعي ووقوف جماعي إذا أردنا لمستشفياتنا أن تشفى، فعلينا أولاً أن نُداوي من يداوي. فلنرفع الصوت جميعاً، مواطنين مهنيي الصحة، إعلاماً وسلطات، من أجل منظومة صحية عادلة تحمي المريض وتحمي من يسهر على علاجه. هذه ليست مجرد معركة إصلاح، إنها معركة كرامة وحياة، ولا يليق بنا أن نخسرها.
مع خالص تحيات
حمزة ابراهيمي