حموني: دروسٌ ذهبية يجب التقاطها من مسيرة آيت بوكماز

سوف لن تكون فينا أيُّ فائدة، كفاعلين سياسيين ومؤسساتيين، إذا تجاهَلْنا أو لم نُحسِنْ التقاط العِبر والدروس والرسائل الواجب استخلاصُها من الخروج العارم لساكنة منطقة آيت بوكماز بإقليم أزيلال، في مسيرة احتجاجية سيراً على الأقدام، بحثاً منها عن بابٍ جدِّي ومسؤول تطرقه لإيصال مطالبها، ولإيصال صوتها، بعد أن ضاقت بها السُّبُل وهي تُواجِهُ الفقر والهشاشة وتَئِنُّ تحت وطأة الإهمال والتهميش والإقصاء.
أول هذه الدروس هو أنَّ الحكومة، بوزرائها، عندما يَطرح عليها البرلمانيون، طبقاً لواجباتهم، أسئلةً أو اقتراحات أو تنبيهات، بخصوص قضايا التنمية في المناطق النائية (تعليم، صحة، طريق، شبكة اتصالات، نقل، …..)، فالأمر لا يجب أن تنظر إليه على أساس أنه مجرد شكلياتٌ بيروقراطية وإدارية، وأنَّ الجواب الحكومي على ذلك هو مجرد “واجبٍ ثقيل”، بل على الحكومة أن تشعر فعلاً أنَّ ذلك يرتبط بحياة الناس، ومعيشهم اليومي، وبمصيرهم، وبحقهم في الكرامة، بحقهم في التنمية، وفي المرفق العمومي، وفي الخدمات العمومية والتجهيزات الأساسية، وفي العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي.
ثاني هذه الدروس هو أنَّ على الحكومة، كما نبَّهناها إلى ذلك، دائما، أن تنزل من بُرجها العاجي، وأن تتواصل مع المواطنين، وأن تتحاور معهم، أنْ تُنصت إلى همومهم وآلامهم وآمالهم، وأن تجتهد فعلياًّ في الاستجابة المتدرِّجة لمطالبهم، وأن تحرص على اعتماد مقاربة التمييز الإيجابي إزاء المناطق ذات الخصاص التنموي.
أما ثالث الدروس فهو أنَّ التجاهل والإقصاء والتهميش، وترك ملايين المواطنين خارج قطار التقدُّم، في مقابل اعتبار الحكومة أنَّ “العام زين”، وادعائها أنها أنجزت كل شيء بشكلٍ غير مسبوق، فإن ذلك يدلُّ على ضُعفٍ كبير في التقدير السياسي، ولن يؤدي سوى إلى الإحباط، وانعدام الثقة، وإلى إضعاف الشعور الجمْعي بالانتماء إلى المشروع الوطني، وبالتالي إلى الاحتقان الذي لا يتمنَّاه أيُّ وطنيٍّ غيور.
ورابع هذه الدروس هو أن احتجاجات آيت بوكماز، ليست الأولى أو الوحيدة في بلدنا العزيز. فواجبنا جميعاً، والحكومة أولاً بالنظر إلى مسؤولياتها وإمكانياتها، العملُ على احترام وتقوية مؤسسات الوساطة المجتمعية، بجميع أنواعها ومستوياتها، وعلى احترام أدوار البرلمان والبرلمانيين، وإعادة القيمة للمنتخبين وللهيئات المنتخبة، وإلى كافة فضاءات وقنوات التعبير المؤسساتي عن مطالب المجتمع وفئاته، كيْ لا يضطر الناس إلى التعبير العفوي والمباشر وغير المؤطَّر في الشارع…. وكي لا يفقد المستضعفون صبرهم… وحتى لا تتكرر أو تتواتر مظاهر الاحتقان… هكذا يمكن أن نَصونَ ونُقوي جبهتنا الداخلية… حتى نتمكن من رفع كل التحديات كيفما كان نوعها.
رشيد حموني
رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب

مقالات ذات صلة