مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء: المجلس الجهوي للحسابات والدور المطلوب

حلّ هذه الأيام بمقر مقاطعة الحي الحسني، قضاة المجلس الجهوي للحسابات في إطار مهمة رقابية لتفحص وتدقيق صفقات وطلبات العروض التي أبرمتها المقاطعة خلال الفترة الممتدة من سنة 2020 إلى سنة 2024. وتندرج هذه المهمة ضمن الأدوار الدستورية للمجالس الجهوية للحسابات بصفتها هيئات رقابية عليا تُعنى بالتدقيق في طرق صرف المال العام، وتتبع حسن تدبير الشأن المحلي.

رقابة حقيقية أم إجراء روتيني؟

وجود قضاة المجلس حاليًا داخل مصالح المقاطعة، وهم بصدد مراجعة الوثائق والصفقات، يطرح مجموعة من الأسئلة حول طبيعة النتائج التي ستُفرزها هذه المهمة، ومدى التفاعل الجدي للمصالح الجماعية مع ملاحظات وتوصيات المجلس. فهل ستكون هذه الزيارة مناسبة لتصحيح اختلالات محتملة، إن وُجدت، أم أنها ستنضاف إلى أرشيف تقارير تبقى حبيسة الرفوف؟

بين رقابة القانون ومطلب الحكامة:

المجالس الجهوية للحسابات، باعتبارها مؤسسات دستورية مستقلة، تؤدي وظيفة مركزية في تقويم الأداء المالي والإداري للجماعات، وضمان احترام القانون والنجاعة في صرف المال العام. وزيارة قضاة المجلس لمقاطعة الحي الحسني تندرج في هذا الإطار، وتُعد فرصة حقيقية لتثبيت قواعد الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة المحلية.

فحص الصفقات وطلبات العروض يُعد من بين أرقى أدوات الرقابة، لأنه يمكن من تتبع سلاسل اتخاذ القرار العمومي، ورصد أية تجاوزات أو إخلالات سواء على مستوى احترام المقتضيات القانونية أو على مستوى الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للصفقات المنجزة.

الرهانات المطروحة

الرأي العام المحلي، وكل المتابعين للشأن الترابي، ينتظرون من هذه المهمة الرقابية الكثير، خصوصًا أن فترة 2020-2024 كانت فترة استثنائية تزامنت مع جائحة كوفيد-19، ولم تصرف العديد من الاعتمادات، ومع بداية تنفيذ عدد من المشاريع المهيكلة التي كانت متوقفة ، وهو ما يتطلب مساءلة مدى احترام المساطر، ومعايير الشفافية و،مطابقة الصفقة مع تنفيذها و التحقق من مدى احترام مضمون تنفيذ الصفقة العمومية لبنودها وشروطها التعاقدية كما تم التنصيص عليها في دفتر الشروط والتحملات، ودفاتر العروض، ومحاضر تسليم الأشغال أو الخدمات.

ومن بين أهم الرهانات المطروحة:

كشف أي اختلالات محتملة في إبرام أو تنفيذ الصفقات.

التحقق من مطابقة الإنجازات للتكلفة والجدوى الاقتصادية.

تعزيز ثقافة المحاسبة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

نحو تعزيز دور المجالس الرقابية

لكي يكتسب عمل المجالس الجهوية للحسابات فعالية أكبر، ينبغي أن تكون توصياتها ملزمة، وأن يتم تتبع تنفيذها من طرف السلطات الرقابية والمجتمع المدني. كما يجب أن تُنشر نتائج المهام الرقابية في تقارير علنية واضحة، بما يتيح للرأي العام الاطلاع والمساءلة.

وختاما، فإن زيارة قضاة المجلس الجهوي للحسابات إلى مقاطعة الحي الحسني ليست مجرد إجراء إداري، بل لحظة أساسية لترسيخ الرقابة المؤسساتية على التدبير المحلي، وفرصة لإعادة الاعتبار لقيم الشفافية والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة. ويبقى الأمل معقودًا على أن تُترجم هذه المهمة إلى توصيات عملية، وقرارات شجاعة، من أجل تحسين أداء المرافق العمومية، وضمان احترام المال العام .

بقلم :ذ. عبدالرحيم مستاوي

مقالات ذات صلة