اليوتيوب كمنبر صحفي: تحديات الاعتراف ومسؤوليات المحتوى

بقلم الدكتور عبد الإله طلوع/ باحث في العلوم السياسية وقضايا الشباب

في عالمنا الرقمي المتسارع، لم تعد الصحافة حكراً على الوسائط التقليدية، بل توسعت لتشمل منصات جديدة مثل اليوتيوب، التي أصبحت فضاءً حيوياً للتعبير والتحقيق الصحفي.
لكن السؤال الحاسم يبقى: هل نمتلك الجرأة الفكرية الكافية للاعتراف بهذا التحول الجذري؟ أم أننا ما زلنا أسيري مفاهيم قديمة تحكمها سيطرة الوسيط، وليس مضمون الرسالة؟

هل تُعد منصة اليوتيوب مجرد قناة ترفيهية، أم يمكن اعتبارها منبرًا صحفيًا يليق بمكانة الإعلام الذي يحمل مسؤولية كشف الحقيقة ومساءلة السلطة؟ هل يمكن أن نحتكر مفهوم الصحافة في شكل ورقي أو بث إذاعي فقط؟ وأين موقع المصداقية المهنية في هذا الجدل؟ هل الوسيط هو من يصنع الصحافة، أم أن الصحافة هي التي تصنع الوسيط؟

تطرح هذه الأسئلة جدلاً فلسفياً عميقاً حول علاقة الشكل بالمضمون، فهل نُسقط على الوسيط الرقمي أهواءً تقنية وثقافية تقيد حرية التعبير، أم نمنحه حقه في التحول والتطور؟

لكن مع هذا التوسع الرقمي، هل هناك أدوات رقابة ذاتية أو مؤسساتية تضمن التزام المحتوى الصحفي بالأخلاقيات المهنية؟ وهل يكفي الجمهور وحده ليكون الفاصل بين المعلومة الحقيقية والزائفة؟

إن مسؤولية كل صحفي يعمل عبر هذه المنصات تتضاعف، ليس فقط في تقديم المحتوى، بل في حماية جمهور متنوع من التضليل والمغالطات.
وهل يستعد النظام القانوني والمؤسساتي في بلادنا لمواكبة هذه التحولات، أم أننا ما زلنا نراوح مكاننا في عصور الإعلام القديم؟

ختاماً، هل يمكننا تجاوز هذا المأزق الفكري، لننتقل من ثقافة الإقصاء إلى ثقافة الاعتراف والتعاون بين الإعلام التقليدي والرقمي؟ أم ستبقى الصحافة الرقمية مقيدة بسياج التشكيك وسوء الفهم؟

مقالات ذات صلة