إحالة ملفات جديدة لـ”بارونات الفواتير الوهمية” على القضاء

باشرت المديرية العامة للضرائب، من خلال مصلحة الشؤون القانونية التابعة لقسم المنازعات، عملية إحالة دفعة جديدة من ملفات التزوير في الفواتير على أنظار النيابة العامة بعدد من محاكم المملكة، وذلك إثر استكمال تحقيقات دقيقة أنجزتها فرق المراقبة الجهوية بكل من الدار البيضاء، مراكش، طنجة والرباط، تحت إشراف مباشر من الإدارة المركزية.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن هذه الملفات لا تقتصر على أفراد أو شركات فقط، بل طالت أيضاً محاسبين ومسؤولين داخل مقاولات ومجموعة من الوسطاء والسماسرة، بعد ثبوت تورطهم في عمليات ممنهجة استُخدمت فيها فواتير صورية لتبرير نفقات غير حقيقية، بغرض تضخيم التكاليف المصرح بها، وبالتالي تقليص الوعاء الضريبي، ما كبد خزينة الدولة خسائر ضخمة تُقدّر بمليارات الدراهم.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الفواتير الوهمية كانت تُباع مقابل عمولات تجاوزت 3%، في إطار شبكات منظمة تعمل على تبييض هذه العمليات عبر مسارات مالية مضللة، حيث يتم دفع قيمة الفاتورة كاملة عن طريق تحويلات بنكية أو شيكات غير قابلة للتظهير، ليُعاد جزء كبير من المبلغ لاحقاً إلى الشركة المؤدية، بعد خصم العمولة.

وأكدت المعطيات المتوفرة أن فرق التفتيش فتحت قنوات تنسيق مع كل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والسلطات المحلية، من أجل التحقق من هوية وعناوين الشركات المصدرة للفواتير المشبوهة. وفي هذا السياق، تم الكشف عن شبكة تضم 21 شركة بالدار البيضاء تبادلت فيما بينها مئات الفواتير الصورية، استُعملت بشكل منظم في التصريحات الضريبية لعدد من الملزمين.

وتعقبت مصالح الضرائب الأثر المالي لهذه العمليات، إذ تبين أن جزءاً كبيراً من المبالغ المحولة كان يُسحب فوراً بعد الإيداع، مع الإبقاء فقط على نسبة العمولة في حسابات الشركات المتورطة، في حين يُعاد باقي المبلغ إلى أصحاب الشركات التي اشترت الفواتير.

واستندت الإدارة الجبائية في اتخاذ هذه الإجراءات القانونية إلى مقتضيات المادتين 192 و231 من المدونة العامة للضرائب، إضافة إلى مقتضيات قانون المالية التي تتيح تحميل المسؤولية التضامنية للمسيرين والمتعاملين معهم في ما يخص التلاعبات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة. كما تم تفعيل المادة 6 من قانون مالية 2021، التي تخول للإدارة حق إحالة ملفات الفواتير الوهمية مباشرة على وكيل الملك دون المرور عبر لجنة النظر في المخالفات.

وفي تصريحات سابقة، كشف يونس إدريسي قيطوني، المدير العام للضرائب، أن نحو 300 ألف مقاولة لا تمارس أي نشاط اقتصادي حقيقي، وإنما تشتغل فقط في مجال بيع الفواتير، وقد بلغت القيمة الإجمالية لهذه الفواتير حوالي 60 مليار درهم.

وتوصلت فرق المراقبة، من خلال تحليل الوثائق المحجوزة، إلى وجود مؤشرات واضحة على التزوير، تمثلت في التلاعب بهوية الفواتير، خصوصاً في ما يتعلق بالرأسية والعناوين والألوان، مع الحفاظ على رقم التعريف الضريبي الموحد (ICE). وتوزعت الشركات المصدرة لهذه الفواتير بين مقاولات قائمة وأخرى متوقفة أو موضوع تصفية قضائية لم تُستكمل مساطرها القانونية بعد.

مقالات ذات صلة