مستاوي يكتب.. آن الآوان لوزارة الداخلية أن تتحرك بصرامة

في صمت إداري يُثير الاستغراب، تواصل بعض الجماعات الترابية العيش تحت وطأة التدخلات غير القانونية لمستشارين جماعيين جعلوا من المرفق العمومي وسيلة لتصفية الحسابات السياسية، وتوسيع شبكات الزبونية، في خرق سافر للمبدأ الدستوري للحياد الإداري.

إن ما تُظهره الوقائع اليومية في عدة جماعات، من تدخلات صريحة في شؤون الموظفين الجماعيين، وتوجيه غير مشروع للقرارات الإدارية، لا يمكن اعتباره فقط ممارسات معزولة، بل هو تهديد خطير لمصداقية الديمقراطية المحلية، وتعدٍّ صريح على اختصاصات الإدارة الجماعية كما حددها القانون.

فهل ستستمر وزارة الداخلية في دور المتفرج؟ وهل يُعقل أن تُترك مصالح المواطنين عرضة لمزاجية مستشارين يعتبرون أنفسهم أوصياء على المرفق الجماعي؟

المطلوب: تدخل حاسم وفوري

لقد آن الأوان لوزارة الداخلية أن تُخرج الآليات الزجرية من جمودها، وأن تُفعل صلاحياتها الرقابية والإدارية وفق ما يخوله لها القانون، من أجل:

فتح تحقيقات نزيهة في الجماعات التي ترد منها شكاوى حول تدخلات غير قانونية.

محاسبة كل مستشار جماعي يتجاوز صلاحياته القانونية ويستغل موقعه للتأثير على قرارات إدارية.

حماية الموظفين الجماعيين من أي ضغوط سياسية أو تهديدات ضمنية.

تفعيل مقتضيات المادة 66 من القانون التنظيمي 113.14 دون تهاون.

نحن أمام أزمة ثقة

ما لم تتحرك وزارة الداخلية عاجلاً، فإننا سنكون أمام وضع تتآكل فيه ثقة المواطنين في مؤسساتهم المحلية، وتُختزل فيه الجماعات إلى دوائر انتخابية مغلقة تُدبّر بمنطق الولاء والانتماء، بدل منطق المصلحة العامة والاستحقاق.

السكوت عن هذه الممارسات ليس حيادًا، بل تواطؤ بالصمت مع من يسعى إلى تحويل الجماعة من مؤسسة دستورية إلى “ضيعة انتخابية”.

دعوة للإرادة السياسية

وزارة الداخلية، باعتبارها الراعي الأول للمنظومة الترابية، مدعوة اليوم — أكثر من أي وقت مضى — إلى اتخاذ قرارات شجاعة تُعيد رسم الحدود بين التمثيل السياسي والتسيير الإداري، وتؤسس لمفهوم جديد للسلطة الجماعية، قوامه الشفافية والاحترام الصارم للقانون.

فلا تنمية محلية ممكنة، ولا ديمقراطية حقيقية، إذا تُركت الجماعات والمقاطعات رهينة لمستشارين يحكمون بمنطق “الهاتف والتعليمات الشفوية”، ويضعون المصلحة العامة في آخر اهتماماتهم.

بقلم: عبدالرحيم مستاوي

مقالات ذات صلة