تازة قبل غزة

في غمرة الصمود الذي سطرته المقاومة الفلسطينية في مواجهة جيش متوحش دمر الشجر والحجر وحول قطاع غزة إلى ركام ودمر المستشفيات والمدراس، وفي سياق التضامن المتواصل للشعب المغربي مع شقيقه الفلسطيني، تخرج علينا فئة ترفع زورا وبهتانا شعار تازة قبل غزة، أي نحن لا تهمنا القضية الفلسطينية وقضيتنا هي مدينة تازة المغربية
أصحاب “تازة قبل غزة” لا تهمهم لا مصلحة تازة ولا مصلحة غزة، ما يغيضها هو هذا التضامن الجارف للشعب المغربي مع قضية يعتبرها قضيته الأولى إلى جانب قضية وحدته الترابية.
ففي تازة نفسها تخرج المسيرات المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، وفي تازة حي اسمه القدس، وفريق المدينة يحمل إسم “قدس تازة”، ومحل للحلاقة يحمل إسم غزة، فأهل المدينة متضامنون مع المقاومة الفلسطينية ومرتبطون بها، ويناضلون من أجل تنمية مدينتهم، ولا يفاضلون بين الاثنين.
لا يجد هؤلاء أي حرج وهم يقفون من حيث يدرون أو لا يدرون في صف الاحتلال، وضد مقاومة شرعية تدافع عن أرضها وشعبها، في الوقت الذي نافح فيه المغاربة عن القدس، وباب المغاربة وحارة المغاربة شاهدة إلى الابد عن بطولة أجدادنا بفلسطين.
يدرك هؤلاء جيدا أن القضية الفلسطينية غير قابلة للنقاش بالنسبة للمغاربة، وهي مسألة حاسمة لا تغيرها أي مواقف، ويدركون أيضا أن هذه الروابط عصية على التكسير…، ولهذا يحاولون بكل ما لديهم خلط الأوراق من خلال اللعب على وتر “تازة قبل غزة”، في محاولة لتشتيت الأنظار عن الجرائم البشعة التي يرتكبها جيش الاحتلال.
ولكن لا بأس أن نذكر هؤلاء بوضعية مدينة تازة، التي يدعون الاهتمام بها والدفاع عنها، لعل الذكرى تنفعهم.
ففي تازة شباب يفكر في الهجرة، سواء داخليا إلى الدار البيضاء، فاس، الرباط أو طنجة، أو ركوب قوارب الموت ومغادرة الوطن، هربا من واقع قاس ومدينة لا تتحرك قيد أنملة.
في تازة، التنمية متوقفة وعجلتها ترفض الدوران، ومسؤولون لا يبالون بواقع لا يعلى عليه، فيكفي أن تقوم بزيارة قصيرة في شوارع المدينة وأزقتها لترى تراكم النفايات والباعة المتجولين، والمتشردين والكلاب الضالة وقطعان أغنام ترعى وسط المدينة، وطلبة يحاكمون في حالة اعتقال وشباب تائه لا يعرف ما يقدم ولا ما يؤخر… وليس من رأى كمن سمع.
في تازة أميون يصلون للمجالس المنتخبة، وأحيانا حتى البرلمان، وأطر وكفاءات عالية تهرب من المدينة…
فرجاء إن كنتم صادقين
حرروا تازة من احتلال الملك العمومي ومن الاسواق العشوائية التي تنبت كالفطر في شوارعها وأزقتها،
حرروا تازة من سوق أسبوعي في قلب أقدم مدينة في المغرب حلوها إلى قرية.
حرروا تازة من الفقر والبطالة وانعدام فرص الشغل…
حرروا سوق الجملة بالمدينة المحتل دون سند قانوني، ولكم في تقرير مجلس المنافسة دليل ذلك.
حرروا تازة من المخابئ السرية للخضر والفواكه التي لا تمر من السلسلة العادية للتوزيع.
حرروا تازة من قبضة مافيا العقارات التي حولتها إلى صناديق سكنية لا تحفظ كرامة المواطن في السكن.
حرروا إقليم تازة من الطرق المهترئة، وحرروا الحي الصناعي بالمدينة،
حرروا نساء يشتغلن دون حقوق ودون الحد الأدنى للأجور.
حرروا تازة من صحافة تكتب تحت الطلب، ومن منتحلي صفة صحافي.
من حق هؤلاء الدفاع عن مصالح مدينة تازة، ولكن ليس على حساب القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني، فالدفاع عن تازة وغزة في آن ممكن، لو كانت هناك نيات صادقة.
ولكن نحن نؤمن أن تازة وغزة في نفس المرتبة. هذا النقاش حسمته أعلى سلطة في البلاد، حسمه جلالة الملك محمد السادس، في رسالته، في دجنبر 2020، إلى الرئيس الفلسطيني محمدود عباس، حيث قال جلالته: إن”المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية”.
رجاء وجهوا أقلامكم إلى تحرير تازة من مكابح فرملة عملية التنمية، واتركوا الناس تحتفل بصمود المقاومة وآخر خط للدفاع عن الشرف يجعلنا نفخر بالانتماء لهذه الامة.
حسن قديم
مدير نشر موقع الميدان بريس