بوعيدة يكتب.. المعارضة الكافرة
كنت أظن أن الجوع وحده هو الكافر تماما كما قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
مع هذه الحكومة اكتشفت كفرا من نوع آخر لم ندرسه في العلوم السياسة إنه كفر المعارضة، وبمفهوم المخالفة فإن من يساندون الحكومة مؤمنون ولا خوف عليه ولاهم يحزنون.
يقول أحد الفقهاء الفرنسين: “حين يتعطل القانون تبدأ الأخلاق في الاشتغال”. ومع هذه الحكومة تعطل القانون والأخلاق وتعطل حتى المنطق نفسه الذي وضع أسسه الفيلسوف سقراط.
البرلمان مكان للنقاش السياسي لمراقبة عمل الحكومة و للتشريع ليس مكانا للتصفيق ولا للتهليل لمنجزات الحكومة……
أتمنى صادقا أن ألبس نظارة البعض لأرى السردين بعشر دراهم كما قال البعض داخل قبة البرلمان.
أحيانا أشك أننا وحدنا الذين نعيش في مغرب آخر غير الذي تتحدث عنه الحكومة حيث كل شي جميل، لا غلاء في المعيشة، لا تضخم، لا شيء، نحن فقط من نفكر بعقل شيوعي. قمة العبث أن نصادر حق الأشخاص في الانتقاد خارج البرلمان فما بالك داخله.
ربما علينا أن نكتب شيكا على بياض لأحسن حكومة في تاريخ المغرب ونتركها تتصرف دون إزعاج فهي حتما تعرف أكثر منا. نحن مارقون كافرون خارجون عن الملة وعن الإجماع مع أن الإجماع الوحيد الثابت هو لله للوطن للملك، وكل ماعداه فهو متغير حتى وإن اشترى كل شيء.
المواطن يعيش رتابة في كل شيء فالأسعار تحاصره ورمضان على الأبواب والجيوب فارغة ونحن والاحزاب نتصارع على من سيقود الحكومة.. حكومة المونديال.
حين سئل وزير الفلاحة في البرلمان عن غلاء اللحوم والأسعار قال ليس من اختصاصنا هو يرمي بالكرة الى ملعب آخر حتما، هذا الملعب ليس هو من أعطى لكبار المحتكرين استيراد الأغنام واللحوم المجمدة لأنهم منكم وإليكم. يقصد هنا وزارة الداخلية، وللسيد الوزير المحترم أن يعود الى فترة كورونا حيث اختفت الأحزاب السياسية والجماعات الترابية وظل رجل الأمن والسلطة جنبا إلى جنب مع باقي الفاعلين في الميدان….هو تملص سهل من المسؤولية ورمي للكرة.
مع هذه الحكومة كرهنا السياسة والصناديق والانتخابات، ونأمل أن نرى انتخابات سابقة لأوانها تحرك المياه الراكدة. وعلى المواطن الصامت او المتحدث في المقاهي وفي وسائل التواصل الاجتماعي أن يتحمل مسؤولية اختياره او عزوفه.
كلنا ساهمنا في هذا العبث ولو بالصمت العاجز عن الكلام. في المغرب كنا ننتقد المخزن بحالته التي نعرف والآن أصبح هذا الأخير أكثر تقدما من الأحزاب السياسية، وعشنا حتى رأينا احزابا يسارية تساند حكومة رجال الأعمال.
عندما كنت رئيسا للجهة وضاق علي الخناق وكان علي الاختيار بين أن أكون فاسدا أو أظل نظيفا كما اخترت، نصحني أحد رجالات السياسة في حزب معين أن أصنع ملفا من الوسخه على حد تعبيره اذا أردت الإستمرار في السياسة .والغريب أن شخصين من كبار رجالات الدولة نصحاني ان أظل نظيفا كما هو إختياري، يومها أدركت أن لا أحد يرغمك على أن تكون فاسدا فهو اختيار وامتحان في نفس الوقت.
ختاما لحكومة المونديال أقول: لانحتاج الى سباق او تطاحن نحتاج فقط إلى نخب سياسية تحب هذا الوطن ولاتسعى للتربح على حسابه…..الوطن ليس قاعة ترنزيت، الوطن يجب أن نخدمه لا ان نستخدمه من أجل المصالح، آنذاك يمكن لنا أن نرى وطنا آخر. أما الكفر أو الإيمان فهي أمور بيد الله وليست بيد الحكومة ونحمد الله على ذالك وإلا…