أوزين يكتب.. عندما يبور الحقد على الوطن
محمد أوزين (*)
لست ممن ينتبهون كثيرا إلى التيك توك، ولو أنه ومن حين لأخر أتلقى روابط منها تهم قضايا وحوادث ونوازل.
ولست متتبعا لرواد هذا التطبيق، اللهم القليل من صناع المحتوى المسؤول الصادق والهادف والبناء على اليوتوب أساسا، والذين يبعثون بصيصا من الأمل ويبقون على نقطة ضوء في زمن الرداءة والتفاهة والسفاهة.
بلغني مؤخراً رابط يزعم حضوري في سهرة وفي يدي مكبر صوت أغني بصوت صادح وفي حفل صاخب، تحت عنوان “المعارضة ناشطة”.
والواقع وبعيدا عن استبلاد المغاربة الذين يعرفونني جيدا صوتا وصورة، يصعب تسويق النازلة كما أراد لها مصدرها صاحب “التردي” وبتلك المجانية المدفوعة الثمن وبانتشاء وحماس زائد، وكأن الأمر يتعلق بإشباع نزوة أو حقد دفين جراء اكتشاف هول عظيم! وهو الذي يقر بعظمة لسانه أنه يخاطب، وهذا هو الخطير، “شعبا على قد الحال”، وهو الأمر الذي لا يعد احتقارا لهذا الشعب فقط وإنما اعترافاً ضمنيا بقدرته على التلاعب به حسب أهوائه ليجرم ويخون ويفسد كل من همسوا له في الأذن بشأنه.
قبلها سوق صاحب “التردي” أخبارا زائفة حول أخ لأوزين، يدينه ويكيل له كل التهم كما عادته “جيب أفم وكول”. بلا برهان ولا دليل: يتحكم في القضاء وفي الشرطة والدرك والأمن الدولي والمخزون الاستراتيجي، والاحتباس الحراري، والحراك التكتوني، متوسما في ذلك تماهي الآراء حول تسلط أبناء وأقارب المسؤول، متوسلا حوادث معزولة لتعميمها كي تصبح قاعدة مشمولة.
فما السر وراء اهتمام صاحب “التردي” مؤخرا بأوزين وبهذه الطريقة المتكررة والمهووسة؟ وأوزين ليس إلا معارضا لسياسات حكومية يروم الإسهام في تقويمها ولفت الانتباه إلى اعوجاجها.
وعندما نقول معارضا فهو لا يسير ميزانية ولا سلطة له سوى المراقبة والمحاسبة وتقييم السياسات العمومية.
أكيد المعارضة “ناشطة” ونشيطة وهي تقدم التعديلات والمقترحات للتخفيف عن المواطن المقهور تحت وطأة الغلاء والبلاء وشح السماء، وهي تقاوم أغلبية مهيمنة، وعددية كاسحة، وتقدم مقترحات قوانين وبأعداد غير مسبوقة لتغيير واقع المقهورين.
هي معارضة ليس لديها عقدة أن تكون “ناشطة”، لكن صاحب “التردي” أخطأ الصورة، فنشاطنا يحكمه الانتماء والهوية. نحن رواد تاماويت الشعر الأمازيغي الشجي وأحيدوس الرقصة الجماعية التي تستحضر نبل الخيول. نتقاسم الفرحة مع أهالينا وأصدقائنا وقبائلنا، وبكل فخر وكبرياء، ولو سوق “ترديك” هذه الصورة وحتى لو لم تكن لأوزين لتبناها بفخر واعتزاز ودون تردد، مع تركه لك حرية التأثيث.
كيف لصاحب “التردي” الحديث عن الفساد، ولو أنه حق أريد به باطل؟ الفساد الحقيقي هو أن ترمي الناس استطالة وإجحافا وجورا فقط صنعا للإثارة وتغذية لغريزة حانقة ساخطة. من يريد إيقاف الفساد لا “يقلز” تحت الجلباب، بل يكون داخل التراب وليس من منبر خارج المحراب.
أما قولك مول الكراطة، فكن مطمئنا لا تزعجني الكراطة، فهي فقط آلية للنظافة وقد أطلت عليك من يورو ألمانيا الأخير وقبل ذلك من أمريكا. وما أحوجنا اليوم إليها لتكريط الرداءة والسخافة والخُرْق واستعداء الوطن. فكم مرة هزمتنا الخيانة دون قتال، كما قال أحد الرجال.
ومثل الذي خان وطنه وباع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه.
فهل للفساد مثل هذا نظير؟
(*) الأمين العام لحزب الحركة الشعبية