أخنوش مخاطبا المنتظم الدولي: لا حل للنزاع الاقليمي خارج المبادرة المغربية للحكم الذاتي

لم تعد قضية الصحراء المغربية سؤالا معلقا على أجندة المجتمع الدولي، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لجدية الحلول وواقعية الطروحات. ومن منبر الأمم المتحدة أعلن المغرب بوضوح أن مخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية هو السبيل الوحيد لإنهاء نزاع مفتعل استنزف عقودا، واضعا العالم أمام خيارين: إما التمسك بأوهام الماضي، أو الانخراط في حل واقعي ودائم يضمن للمنطقة الاستقرار والتنمية.

لم تكن مداخلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمام الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مجرد موقف سياسي تقليدي، بل تجسيدا لرؤية شاملة واستراتيجية للمملكة، تجمع بين الدبلوماسية المتقدمة والتنمية الاقتصادية المستدامة والحفاظ على السيادة الوطنية، في إطار تصور واضح لحل النزاع المفتعل حول الصحراء. فالدعم الدولي المتزايد لمخطط الحكم الذاتي يبرز مدى مصداقية هذا الحل في أوساط المجتمع الدولي، حيث تعتبره غالبية الدول الأساس البراغماتي الوحيد لتسوية النزاع. كما يعكس هذا الدعم نجاح المغرب في تحويل قضية الصحراء إلى أولوية سياسية ودبلوماسية دولية، تستند إلى المصداقية القانونية والسياسية للمملكة وإلى تاريخها العريق في الدفاع عن وحدتها الترابية.

وإلى جانب البعد الدبلوماسي، يشكل التحول السوسيواقتصادي في الأقاليم الجنوبية رافعة أساسية لتعزيز الاستقرار والتنمية الشاملة. فالمشاريع الكبرى والنموذج التنموي الجديد الذي اعتمدته المملكة لم يقتصر أثره على تطوير البنية التحتية والخدمات العامة، بل أسس أيضا لبيئة اقتصادية واجتماعية مستدامة، جعلت من الصحراء المغربية منصة استراتيجية لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز التكامل الإقليمي. ولم تهدف هذه الجهود إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين فحسب، بل أسهمت كذلك في تعزيز الأمن المجتمعي والسياسي، مما يعكس إدراك المغرب العميق للعلاقة الوثيقة بين التنمية والاستقرار، وقناعته بأن الحلول الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة تمثل دعامة لأي تسوية سياسية دائمة.

وفي السياق نفسه، يظل الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة التراب المغربي الركيزة الأساس لأي حل. فمخطط الحكم الذاتي يجمع بين تثمين الحقوق التاريخية والسياسية للمغرب وبين التوجه البراغماتي لإيجاد تسوية مقبولة على المستوى الدولي. هذا التوازن بين السيادة الوطنية والدبلوماسية الذكية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يبرز قدرة المغرب على تقديم حلول مرنة وقابلة للتطبيق، تحترم مصالحه الحيوية، وتضع حدا لنزاع مفتعل دون المساس بأمن المملكة واستقرارها.
ومن منظور استشرافي، يشكل مخطط الحكم الذاتي قاعدة صلبة لتسوية سلمية ودائمة للنزاع، كما يفتح المجال لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها. ولهذا فالتزام المغرب بدعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الشخصي يعكس جديته في تبني الحلول السلمية، ويؤكد أنه ليس مجرد طرف معني بالنزاع، بل شريك فاعل ومبادر إلى التسوية.

إن الجمع بين الحلول السياسية الواقعية، المبادرات التنموية، واحترام السيادة الوطنية يقدم نموذجا متكاملا يرسخ مكانة المغرب كفاعل رئيسي في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، ويحول الصحراء المغربية من قضية نزاع إلى رافعة قوة واستقرار.
لقد أثبتت مداخلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش أمام الجمعية العامة أنها لم تكن مجرد إعلان عن موقف سياسي، بل تقديم لرؤية متكاملة توحد بين البعد الدبلوماسي والتنمية الاقتصادية والسيادة الوطنية والاستشراف السلمي للمستقبل، مؤكدة مرة أخرى أن مخطط الحكم الذاتي لجهة الصحراء ليس مجرد مقترح، بل استراتيجية شاملة لبناء السلام والتنمية والاستقرار في المنطقة.

د. مصطفى عنترة
كاتب صحفي.

مقالات ذات صلة