“المباريات الصورية”… الدكتور طلوع: ما يحدث إقصاء ممنهج ومكر إداري مقنّن

في سياق الجدل المتصاعد حول مباريات إدماج دكاترة وزارة التربية الوطنية، والتي أعلنت عنها الوزارة مؤخرا، طفت إلى السطح مجموعة من الانتقادات التي وصفت هذه المباريات بـ”الصورية” و”الهزيلة”، معتبرة أن ما يحدث هو إعادة إنتاج منطق الولاءات على حساب منطق الاستحقاق والكفاءة.
في هذا السياق، تحدث الدكتور عبد الإله طلوع، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، والفاعل في ملف دكاترة التربية الوطنية، بلهجة حازمة، معتبرا أن ما جرى “لا يمكن وصفه إلا بمباريات صورية، شكلية، هزيلة في مضمونها، بئيسة في منهجها، وتفتقر لأدنى شروط النزاهة التربوية والأخلاقية”.
وأضاف أن “المباريات، منذ لحظة الإعلان عنها، بدت وكأنها مسرحية مغلقة الأبواب، لا وجود فيها لشفافية حقيقية، ولا لمعايير دقيقة، ولا حتى لإحصاء رسمي بعدد المعنيين. الوزارة أعلنت عن 600 منصب موزعة على مراكز جهوية متعددة، لكنها لم توضح القاعدة التي اعتمدت عليها في هذا الرقم، ولا الكيفية التي سيجري بها الترتيب والانتقاء”.
وندد الدكتور طلوع بما اعتبره “الخطاب الرسمي المضلل”، مؤكدا أن الحديث عن تسوية هو مجرد تبرير شكلي لسياسة انتقائية تُقصي أصحاب الكفاءة، وتمنح الأولوية لأصحاب النفوذ والعلاقات. “ما نعيشه هو إقصاء ممنهج ومكر إداري مقنن، حيث تُدار الملفات بمنطق الزبونية، ويُقصى فيها من كرس عمره في البحث العلمي لصالح من يتقن لعبة القرب السياسي أو النقابي”، يقول المتحدث.
وأكد طلوع أن “عدداً من المناصب قد حُسم فيها مسبقًا، وهناك لائحة غير معلنة من المستفيدين، أغلبهم من ذوي القربى، أو من الموظفين المرتبطين بمواقع داخل هرم الوزارة”. مشددًا على أن “كل المؤشرات تدل على غياب مبدأ تكافؤ الفرص، وعلى خرق صارخ لأبجديات دولة المؤسسات”.
وتساءل طلوع بنبرة مؤلمة: “أين هو موقع الدكتور الباحث في هذا الوطن؟ ما جدوى البحث العلمي إذا كان الدكتور لا يحظى حتى بحق الولوج إلى وضعية إدارية منصفة؟ لقد صار الدكتور، بكل أسف، مجرد رقم في معادلة مغشوشة، لا يُلتفت إلى علمه، ولا إلى نضاله، ولا إلى تضحياته”.
وأضاف أن “الكفاءة أصبحت ضحية لمقايضات الظل، وسياسات الإقصاء الممنهج التي تطال خيرة الأطر المغربية داخل قطاع التربية الوطنية”.
وأوضح الدكتور طلوع أن “الاتحاد الوطني لدكاترة وزارة التربية الوطنية لطالما دعا إلى خيار نضالي حاسم، يتمثل في اعتصام ممركز أمام مقر الوزارة بالرباط، باعتباره السبيل الوحيد لفرض حل واقعي ومنصف لهذا الملف المزمن”، مشددا على أن “السكوت لم يعد ممكنا، والمراهنة على الانتظار أصبحت عبثية”.
وفي ختام تصريحه، وجه الأستاذ طلوع نداءً صريحا إلى الجهات الوصية قائلا: “إن الاستمرار في هذا العبث المؤسساتي لن يؤدي إلا إلى مزيد من فقدان الثقة، وإلى تحطيم ما تبقى من الأمل لدى فئة تعتبر من أعمدة المدرسة العمومية، آن الأوان لرد الاعتبار للدكتور المغربي، لا باعتباره رقما في لائحة التوظيف، بل باعتباره فاعلا أساسيا في المشروع التربوي والتنموي”.