منير بودشيش: لنجعل المحتوى الرقمي أداة صناعة إنسان صادق مخلص لوطنه ودينه

دعا مولاي منير القادري بودشيش، رئيس مؤسسة الملتقى، إلى حماية المحتوى الرقمي الهادف، وجعله أداة صناعة إنسان صادق مخلص لوطنه ودينه. لا الهدم وإفشاء ثقافة التشهير والأخبار الكاذبة، والجري وراء الشهرة وجمع اللايكات، والربح على حساب القيم والأخلاق.
جاء ذلك في مداخلة له في افتتاح ندوة: “المحتوى الرقمي والوعي المجتمعي: التحديات القانونية والتأطير القيمي والأخلاقي”، أمس السبت بالمكتبة الوطنية بالرباط، بتنظيم مشترك مع مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية. ومشاركة العديد من رجال الإعلام والقانون، بالإضافة إلى أكاديميين وصناع المحتوى.
واجب جماعي
وشدد بودشيش على أن “الرأسمال اللامادي الثقافي المغربي أصبح معرضاً لهجمات كبيرة في الفضاء الرقمي”، الشيء الذي يجب “مواجهته بتشجيع المحتوى الرقمي المغربي الأصيل، يحافظ من جهة على الثوابت الوطنية ولا يُفرط في القيم الدينية”، يورد المحدث.
وزاد أن الحرية والحق في التعبير مكفولان. مشدداً على أن ذلك لا يجب أن يكون وسيلة للمساس بالقيم الجماعية والحياة الشخصية للأفراد. فالـ”القيم المغربية وتعاليم الإسلام المعتدل الأساس، يجب أن تكون الأساس الذي نتعامل به مع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي”، يعلق المتحدث.
التصوف أخلاق
وفي نفس السياق، أوضح أن “القوانين والأخلاقيات يُمكن أن تكون مُدونة، لكنها تبقى حبراً على ورق ما لم تنبعث تربية وسلام داخلي، يُنتج سلاماً خارجياً ينعكس سلوكاً على أرض الواقع، سماته التعاون والتعايش والرحمة”.
وربط المتحدث ذلك بأهداف التصوف ورسالته المتمثلة في الأخلاق، موضحاً في هذا الصدد أن “التصوف هو الأخلاق، وأن من زاد عليك بالأخلاق، قد زاد عليك بالتصوف”، مؤكداً أن “التصوف ليس تجربة روحية منعزلة عن حاجيات المجتمع، بل هو رسالة رحمة وخدمة للعالمين، لأن الصوفي ابن وقته”.
وأضاف “نعيش أزمة أخلاقية يشهد بها الجميع، وقد نصل إلى كارثة إذا لم نربط هذا التطور الرقمي والذكاء الاصطناعي بالقيم الروحية والأخلاقية، النابعة من موروثنا الثقافي ورأسمالنا اللامادي، والحضاري”. ليختم بالقول: “يجب أن نستعين بالتصوف وما يحمله من أخلاق في إنشاء المحتوى الرقمي، عوض نشر خطاب التفرقة والكراهية، والأخبار الزائفة والمس بالحياة الشخصية للناس”.
سياج قانوني
ومن جهته، أكد عبد اللطيف الشنتوف، قاضٍ وباحث في الشؤون القانونية، أن المحتوى الرقمي يحتاج اليوم مقاربة ذات بعد كوني شامل. معدداً العديد من الجهود التي تبذلها مؤسسات رسمية في الوقت الحالي، وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومبادرته المتمثلة في إطلاق منصة خاصة بهذا الموضوع. بالإضافة إلى ما تبذله المؤسسات الرسمية الأخرى من جهود كـ “المجلس الوطني للصحافة، النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية”.
إلى ذلك، شدد المتحدث على أهمية تحديث الجوانب الوقائية والاستباقية في المنظومة القانونية، مع استعمال الفضاء الرقمي لبث وإشاعة قيم الفضيلة والسلوك الحسن من طرف الجهات المؤهَّلة لذلك. منبها إلى أن “المجال الرقمي بحكم كونه متاحا للعموم، فهذا يطرح خطورة التعسف المحتمل في استعمال حق التعبير في جرائم المساس بحقوق الأفراد والنظام العام، والصحة العامة أو الأمن القومي للبلاد والإساءة إليها”.
حتمية العودة
أما عبد الواحد وجيه، رئيس مؤسسة التوجيه للبحوث العلمية والمعرفة، فقد شدد على أن مسألة السلوك والأخلاقيات، ستعود بشكل حتمي إلى صدارة اهتمامات الناس ومستخدمي الوسائط الرقمية الحديثة، وبالأخص ما يتعلق بالمراقبة الأبوية لسلوك الأطفال وكيفية استهلاكهم للمحتويات الرقمية.
وحذر مما وصفه بـ”النتائج الكارثية”، التي بدأت تظهر معالمها المدمرة على خصوصية الفرد وتماسك المجتمع”، داعيا إلى “ترويض النفس أخلاقيا وتمكين الشباب من استعمالات نظام رقمي أكثر روحانية وأخلاقي”.