اليماني لـ”الميدان”: الحكومة تقوض مساعي المحكمة

أكد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول أن المحكمة التجارية بالدار البيضاء، قضت  بتاريخ 21 مارس 2016، بالحكم بالتصفية القضائية في مواجهة شركة سامير، وذلك بسبب الاختلال بشكل لا رجعة فيه للتوازنات المالية للشركة وتفوق قيمة الديون على قيمة الأصول بشكل كبير(المادة 651 من مدونة التجارية : تفتتح المحكمة مسطرة التصفية القضائية تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة أو الدائن أو النيابة العامة، إذا تبين لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه…)، وذلك من بعد الخبرة المالية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الوقائع والأدلة.

وزاد قائلا “لأن مصلحة الدائنين والمصلحة العامة، اقتضت ذلك، فقد قررت المحكمة من جهة أخرى، الإذن باستمرار النشاط والمحافظة على العقود الجارية ومنها عقود الشغل لفائدة العمال الرسميين ( المادة  652 من مدونة التجارة : إذا اقتضت المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية، جاز للمحكمة أن تأذن بذلك لمدة تحددها إما تلقائيا أو بطلب من السنديك أو وكيل الملك…)، وكذلك الإذن لسنديك التصفية القضائية بالسعي لتلقي العروض، للتفويت الشمولي لأصول شركة سامير، لأنه الخيار الأمثل، للمحافظة على شركة سامير كمحطة لتكرير البترول والاستمرار في نشاطها الطبيعي، ولأنه الخيار الوحيد، الذي سيمكن من تغطية الديون المتراكمة على شركة سامير (زهاء 95 مليار درهم ومنها 82℅ أموال عمومية من قرض الحيازة والغرامات وغيرها) ومن ضمان الاف مناصب الشغل التي كانت توفرها هذه المقاولة لحوالي 1000 أجير رسمي ولحوالي 3500 أجير من عمال المناولة والتشغيل المؤقت”.

وأضاف قائلا، في تصريح للميدان، “نحن على بعد أسبوع من استكمال السنة التاسعة، من الحكم بالتصفية القضائية والسعي المتواصل للمحكمة التجارية لبيع أصول الشركة بقصد استئناف النشاط الطبيعي للشركة، لم تفلح المحكمة في ذلك ولم تنجح مساعيها في هذا الصدد! ولعل المتتبع العادي والمهتم بقضية “سامير”، يطرح السؤال الملح، حول سبب الفشل في التفويت القضائي لشركة سامير، منذ مارس 2016 حتى الان ؟”.

وسجل اليماني أن اقتناء ممتلكات شركة سامير، ليس بالأمر البسيط ولا السهل، بل أن الاستثمار في ذلك، يتطلب أداء مبلغ للشراء لا يقل عن 21 مليار درهم، كما حددته خبرة المحكمة، ومن بعد ذلك الانطلاق في إصلاح المصفاة وتشغيلها، مع الأخذ بعين الاعتبار للتحديات والتقلبات المرتبطة بعالم النفط والغاز، ولذلك يبقى وضوح الرؤية من أهم مطالب الراغبين في الاستثمار في شراء شركة سامير، إلا أن الجواب على هذا السؤال، ليس من اختصاص المحكمة التجارية أو السلطة القضائية وإنما يرجع الاختصاص في ذلك للحكومة أو السلطة التنفيذية، المسؤولة على وضع الاستراتيجيات والسياسات، وبمعنى اخر فهل الحكومة ترحب وتشجع على الاستثمار في تكرير البترول أو لا، وذلك رغم الميثاق الجديد للاستثمار!

وتابع قائلا”والمؤسف في الموضوع، أن مسؤولية الحكومة، في عدم المساعدة وتيسير التفويت القضائي لشركة سامير، وفق ما تدعيه في التشجيع على الاستثمار، لم يتوقف عند عدم توضيح مستقبل قطاع الطاقات البترولية وصناعات تكرير البترول ، بل تعدى الأمر ذلك، لحدود تقويض مساعي المحكمة لبيع أصول شركة سامير، من خلال التصريحات المتواترة لوزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في كل حدب وصوب، فتارة بالقول بأن المغرب لا يحتاج لتكرير البترول وتارة بالقول بأن تكرير البترول غير مربح لغير الدول المنتجة للبترول (أغلب حاجيات المغرب تأتي من اسبانيا وغيرها من الدول غير المنتجة للبترول) وتارة بالقول بأن سكان المحمدية لا يرحبون ببقاء واستمرار الصناعات البترولية بالمدينة وغيرها من التصريحات المنفرة والمخيفة للراغبين في الاستثمار في شركة سامير”.

ومضى يقول “وبالعودة لفصول الدستور ومنها الفصل الأول “… يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها…” والفصل 6 ” القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له…” والفصـل 107 “السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية. الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية”. فإننا في قضية شركة سامير، وتبعا لكل الوقائع المشار إليها، نجد من جهة المحكمة التجارية الممثلة للسلطة القضائية، تسعى لإنقاذ وحماية المصالح والحقوق المرتبطة بهذه المقاولة الوطنية، وتحاول تفادي الوصول للخسران المبين، المتجسد في الإغلاق النهائي وبيع المعدات الإنتاجية في سوق المتلاشيات والإنهاء مع حلم المشروع الوطني في بناء صناعات تكرير البترول من بعد الاستقلال، وفي الجهة المناقضة نجد الحكومة ووزيرتها في الانتقال الطاقي، لا تفوت كل الفرص المتاحة لها، من أجل مهاجمة شركة سامير وتبخيس دورها ومكانتها وتنفير كل المهتمين باقتناء أصولها، وهو الأمر الذي لا يمكن إلا تكييفه بواقعة تدخل السلطة التنفيذية في صلاحيات واختصاصات السلطة القضائية، أو بتعبير أدق، فنحن أمام تقويض مساعي المحكمة من قبل الحكومة في قضية شركة سامير”.

وشدد اليماني على أن الحكومة مطالبة بتوضيح موقفها الرسمي من قضية شركة سامير، ولا سيما من بعد التصريحات الأخيرة لوزيرة الانتقال الطاقي، التي أطلقت من خلالها النار على كل مصالح المغرب المرتبطة بالملف في داخل وخارج المغرب، وأن عدم اتخاذ ما يلزم من إجراءات في الموضوع من طرف الحكومة ورئيسها، سيؤكد لدى الرأي العام وعموم المهتمين، بأن هناك مخططا مبيتا للقضاء على هذه الصناعات وفتح المجال أمام اللوبيات المتربصة بزوال شركة سامير، حتى تحكم القبضة على سوق الطاقة البترولية وتواصل الإجهاز على القدرة الشرائية للمغاربة، من خلال الأسعار الملتهبة للمحروقات ومن خلال تبديد الملايير من الدراهم العالقة في مديونية شركة سامير والقضاء على فرصة استرجاع أزيد من 4500 منصب شغل في صناعات تكرير البترول وضياع العملة الصعبة في شراء الصافي من البترول عوض البترول الخام.

 

مقالات ذات صلة