عيدودي يكتب.. السباق نحو 2026.. من يربح الرهان؟
مقدمة
الانتخابات محطة مهمة في تاريخ الشعوب والأمم، فمن خلالها تتجدد النخب السياسية ، و تختفي نخب آخرى و تنمحي ، و بالإنتخابات تتأكد نزاهة العملية ديموقراطية ، و بدوريتها تصبح الدولة ديمقراطية .
والمغرب واحد من بين هذه الدول الديموقراطية التي حافظت على دورية انتخاباته التشريعية و المحلية والجهوية مند أزيد من ثلاثة عقود من الزمن ، وها هي سنة ونصف تفصلنا عن الاستحقاقات التشريعية 2026.
فهل نحن بحاجة إلى انتخابات جديدة؟ نعم، نحن بحاجة إلى ذلك ؟ هل سندخلها بنفس الوجوه و الأحزاب؟ هل ستعود الأحزاب إلى المواطنين بنفس البرامج التي قدمتها في الاستحقاقات الماضية؟
1- أحزاب الأغلبية تمزق نفسها وتنقض غزلها
يبدو أن الأغلبية الحكومية مع مطلع يناير 2025 بدأت تمزق نفسها وتبحث عن الفوز بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة. فحزب الأصالة والمعاصرة (PAM) برئاسة فاطمة الزهراء المنصوري يعلن في 18 يناير 2025 من مراكش الحمراء أرض الأولياء الصالحين ، و قلعة قائدته فاطمة المنصوري بأنها هي الأحق برئاسة الحكومة ، وأن حزبها لا زال المغرب في حاجة إليه من أجل تسريع تنزيل المشروع الحداثي الديموقراطي.
أما حزب العلامة علال الفاسي فقد أعلن أمينه العام السيد نزار بركة من العرائش التي تعد قلعته النضالية ، يعلن رغبته في قيادة حكومة 2026 لأن حزبه (حزب الاستقلال) هو الأكثر تنظيما وانضباط على المستوى الوطني.
أما حزب التجمع الوطني للأحرار فقد وضع برنامج النجاعة واختار مرشحيه لاستحقاقات 2026 بعناية وأطلق ديناميته التواصلية على مستوى الجهات بعد أن عقد مكتبه السياسي ومجلسه الوطني، مؤكدا أحقيته في الظفر بكرسي رئاسة الحكومة.
2- أحزاب المعارضة والطموح الممكن.
أما أحزاب المعارضة، فنجد حزب الاتحاد الاشتراكي إلى حدود الساعة لازال لم يتحرك بالشكل المطلوب نحو الاستحقاقات المقبلة، نفس الشيء بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية
وفي المقابل و داخل المعارضة نجد دينامية كبيرة يعيشها حزب الحركة الشعبية بقيادة الدكتور محمد أوزين من خلال تأسيسه لأزيد من 20 رابط من روابط حزب السنبلة ، و تأسيسه لدرع نقابي قوي تحت عنوان (اتحاد عمال المغرب ) ، زد عن ذلك تنظيمه لمجموعة من اللقاءات السياسية وحضوره البارز والقوي و المستمر داخل وسائل الاعلام العمومي و تدفق تصريحاته و كتاباته بشكل مستمر في عدد كبير من الوسائط الاجتماعية، جعلت منه وجها سياسيا بارزا داخل أحزاب المعارضة.
3- باقي الاحزاب خارج السياق والسياق
باقي الأحزاب الصغرى كالعدالة و التنمية و الاتحاد الدستوري ، جبهة القوى الديمقراطية ، البيئة ، و غيرها من الأحزاب الممثلة بالبرلمان و الغير الممثلة ، فإنه يصعب الحديث عن دخولها السباق في ظل ضعف بناءها التنظيمي وغياب مطلق لأبرز وجوهها في الفضاء العام وفي النقاش العمومي .
4 - أسئلة عالقة:
هناك مجموعة من الأسئلة العالقة تبرز إلى الذهن وتطفو على السطح من قبيل: هل المراتب الثلاثة الأولى حصرية على هذه الأحزاب الثلاث التي تقود الأغلبية حاليا ؟ وهل الظفر بالرتبة الأولى لا يخرج من دائرة الأحزاب الثلاثة التي تقود الحكومة اليوم؟
فإن كان الأمر كذلك فمن الذي أعطاهم هذه الأحقية ، و هذا الحظ ؟ و من منحهم هذه الأسبقية و هذه التمايز و التفاضل عن باقي الأحزاب ؟ ومن مكنهم من الضمانات للفوز بالمراتب الأولى ونحن لم نصل بعد إلى صناديق الاقتراع التي تعتبر هي الحكم والفصل؟ فيمن سيظفر بالرتبة الأولى أو بإحدى الرتب المتبقية؟ .
وقبل الوصول إلى صناديق الاقتراع سيواجه جميع الأحزاب سؤال الحصيلة الحكومية؟ فمن حق المواطنين أن يطالب الحكومة الحالية بأحزابها الثلاث عن الحصيلة المتعلقة بالبرنامج الحكومي الذي تقدموا به، ماذا أنجز منه ؟؟؟ وماذا تبقى؟؟؟ ، هذا السؤال الأول ،
ثم السؤال الثاني الذي سيواجهه جميع الأحزاب المشكلة للأغلبية، ما هو برنامجكم الإنتخابي في استحقاقات 2026-2030؟؟ هل من وعود جديد و ممكن أم سنبقى نفس الوعود ؟
الجميع ينادي بأنها حكومة المونديال ويريدون أن يكونوا في المونديال، بل تسعى جميع قيادات الأحزاب الثلاث إلى قيادة هذه الحكومة التي توسم وتوصف بل تعرف بحكومة مونديال 2030.
5 - الجواب عن هذه الأسئلة العالقة بصناديق اقتراع 2026:
يبدو من خلال تحليلنا لما سبق ، فإن الصراع على رئاسة الحكومة سيكون شرسا قويا ، و سيحتدم بين أربعة أحزاب ، وهي الحركة الشعبية، التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة ، و حزب الاستقلال، وهذا راجع لما قدمناه من تعليلات وتوضيحات فيما سبق.
و أي حزب من هذه الأحزاب الأربعة استطاع تغطية أكبر عدد من الدوائر الإنتخابية بمرشحين جدد و أقوياء ، مع عرضه لبرنامج سياسي واقعي و ممكن و مقنع ، سيتمكن من الاقتراب من الظفر بكرسي الرياسة لحكومة المونديال .
و لست من قراء الفنجان و لا طالع الكف حتى أقول من سيفوز برياسة حكومة المونديال لكن أجزم بأن الجواب الحقيقي هو في صناديق اقتراع الانتخابات التشريعية لسنة 2026 ، و التي ستكون طبق الأصل لاستحقاقات 2007.
و في ذلك فليتنافس الأحزاب الأربعة على المراتب الأربعة ، و ليحافظوا على شعرة معاوية بينهم كما أقرها علماء الفكر السياسي الإسلامي، فقد يحتاجونها لتشكيل أغلبية رباعية الدفع ، و الإنهاء مع عقلية سي سيد في ثلاثية نجيب محفوظ .
بقلم: د.عبد النبي عيدودي
باحث في الشؤون الدينية والسياسية