كلب بوليسي إسرائيلي ينهش فلسطينياً مصاباً بمتلازمة داون حتى الموت أمام والدته
أمام أعين والدته وإخوته، تعرّض الشاب الفلسطيني محمد بهار (24 سنة)، المصاب بمتلازمة داون، لهجوم وحشي من كلب إسرائيلي بوليسي خلال اجتياح الجيش أخيرا لحي الشجاعية شرقي مدينة غزة. وفي 28 يونيو/ حزيران الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية برية في حي الشجاعية استمرت نحو أسبوعين، وأسفرت عن استشهاد وإصابة المئات من الفلسطينيين وتسببت بدمار هائل في المنطقة.
نبيلة بهار (70 سنة)، والدة محمد، قالت لـ”الأناضول” إنه “عندما توغل الجيش في حي الشجاعية، بقينا 7 أيام محاصرين في المنزل ولم نخرج منه، وكان معنا ابني محمد المصاب بمتلازمة داون”. وأضافت: “في اليوم السابع، حاصر الجيش الإسرائيلي المنزل وأدخل طائراته الكواد كابتر لتصوير ما بداخل المنزل، حينها كنا ننادي بأننا مدنيون، لكنهم أطلقوا القذائف والرصاص حول المنزل، واقتحمته قوة تصطحب معها كلاباً بوليسية”. وتابعت: “دخول القوة الإسرائيلية علينا أصابنا بحالة من الخوف والرعب”. وقالت الأم: “هاجمتنا الكلاب، وهجم أحدها على ابني محمد الذي كان يجلس على الأريكة، ونهشه الكلب في صدره ثم في يده. كان محمد خائفا، وكنت أنادي على الجيش ليبعد الكلب عنه وأقول لهم إنه مريض”.
وأوضحت أن “محمد مصاب بمتلازمة داون، ويظهر على شكله أنه مصاب وبريء، وغير قادر على الحركة والكلام، ولا ينطق سوى بكلمات بسيطة”. وذكرت نبيلة أن نهش الكلب لجسد ابنها أدى إلى “نزيف دم كبير لم يتوقف”، ولم يكن بيدها هي وبقية أفراد العائلة سوى النظر إلى محمد من نافذة الغرفة التي أخرجهم منها الجيش وظل محمد بداخلها دون حراك، والفزع على محياه بسبب الهجوم العنيف للكلب وتمزيق جسده الهزيل البريء. ومتلازمة داون هي طفرة جينية نتيجة كروموسوم زائد في خلايا الجسم، وتُعتبر من الظواهر الناتجة عن خلل في الصبغيات أو المورثات، وتسبب درجات متفاوتة من الإعاقة العقلية والاختلالات الجسدية.
جرح لا يندمل
تشعر الأم بحزن شديد يعصر قلبها لفقدان ابنها أمام عينيها، وتمزيق كلب إسرائيلي بوليسي جسده بلا رحمة، الأمر الذي ترك جرحا عميقا في قلبها “لا يمكن أن يندمل”، بحسب وصفها. وأوضحت الأم أن ابنها محمد “كان بحاجة إلى إسعاف عقب هجوم الكلب عليه، وطلبنا من الجيش إسعافه، لكنهم قالوا لنا أن ننتظر الطبيب العسكري”. وأضافت: “أنزلنا الجيش إلى أسفل المنزل وسلط علينا أسلحته، وكان معنا أطفال، بينما بقي محمد ملطخا بالدماء في الغرفة”. وتابعت: “أثناء وجودنا في أسفل المنزل، كنا نسمع صوت محمد وهو ينادي أنه يريد ماء. لكن بعد وقت قصير، فقدنا الصوت، وخرج أحد الجنود وأشار إلى جندي آخر بإشارة لم نفهمها، لكنني تيقنت أن محمد قد استشهد”.
وأوضحت: “عقب ذلك، أمرنا الجيش بالخروج من حي الشجاعية ونحن نرفع الراية البيضاء”. وذكرت الأم أنه بعد انتهاء العملية العسكرية في حي الشجاعية، عادت العائلة إلى المنزل ووجدت محمد داخل الغرفة “شهيدا ملطخا بالدماء”. وقالت: “يبدو أن الجيش الإسرائيلي ضمد جراحه بشاش أبيض ليصوره ويلفت انتباه العالم أنه يعالجه”. أخت محمد، سارة بهار، قالت لـ”الأناضول”: “حاصرنا الجيش في الـ27 من الشهر الماضي، وكان معسكِرا أمام منزلنا، وفي الـ3 من الشهر الجاري (يوليو/ تموز) دخل الجيش إلى المنزل بكلابه وطائراته”. ومضت قائلة: “هاجم كلب إسرائيلي محمد أخي في صدره ثم في يديه، ومن شدة براءة محمد (المصاب بمتلازمة دارون) كان يربت على رأس الكلب ويقول له: اتركني يا حبيبي”. وتابعت: “خلال اقتحام البيت اعتقل عناصر الجيش اثنين من إخوتي، وحاصروا محمد في غرفة وتركوه ينزف حتى استشهد عطشان”. وقالت: عقب عودتنا للمنزل وجدنا محمد ملطخاً بالدماء وقد فارق الحياة”.
ولفتت إلى أن الجيش الإسرائيلي أجبرهم على الخروج من الشجاعية في ظلّ إطلاق النار والقذائف، حيث وجدوا جثثا قتلها الجيش الإسرائيلي. محمد، ليس الوحيد الذي تعرض لهجوم كلب إسرائيلي بوليسي لكن تعرض الكثير من المدنيين الفلسطينيين لهجمات من تلك الكلاب، ما أدى إلى تمزيق أجسادهم بلا رحمة. وخلال عملية الجيش العسكرية بمخيم جباليا في مايو/ أيار الماضي، هاجم أحد الكلاب البوليسية المسنّة الفلسطينية، دولت الطناني (70 عاما)، ونهش ذراعها، في مقطع فيديو انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
اعتداءات ممنهجة
وفي 27 يونيو الماضي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان، إن “استخدام الجيش الإسرائيلي الكلاب البوليسية لمهاجمة المدنيين الفلسطينيين في غزة، إلى جانب استخدامها في ترويع ونهش واغتصاب الأسرى والمعتقلين في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، يعد سلوكا ممنهجا ومتبعا بشكل واسع النطاق”. وأضاف المرصد (مقره جنيف): “وثقنا عشرات الحالات التي استخدمت فيها القوات الإسرائيلية الكلاب البوليسية الضخمة خلال عملياتها الحربية في غزة، لا سيما خلال مداهمة المنازل والمستشفيات ومراكز الإيواء”. وأوضح أن “الكلاب تهاجم بشكل متكرر مدنيين وتنهشهم عند عمليات الاقتحام، دون أي تدخل من أفراد الجيش الإسرائيلي، الذين غالبا ما يأمرون الكلاب بمهاجمة المدنيين، ومن ثم يستهزئون بهم، بحسب إفادات”. وقال المرصد إن “استخدام الكلاب خلال مداهمة المنازل بات أمرا منهجيًا من الجيش الإسرائيلي”.
ويحظر استخدام الكلاب البوليسية ضد الأفراد، ويعدّ شكلاً من أشكال “ممارسة التعذيب” وفق ما نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما يُعدّ “امتهاناً للكرامة الإنسانية” لما يخلقه من حالة الفزع والترويع لا سيما لدى الأطفال وكبار السنّ. وفقاً للمرصد الحقوقي. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أميركي حربا على غزة أسفرت عن أكثر من 128 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة. وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.
نقلا عن (الأناضول، العربي الجديد)