في تصريح لـ”الميدان”.. بنيس: المثقف ليس ظلا للسياسي بل ضمير المجتمع

قال سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح خاص لموقع الميدان بريس، إن العلاقة بين المثقف والسياسي يمكن توصيفها من خلال تفاعلات الفاعلين المعنيين بها، مشيراً إلى أنها ليست واحدة وثابتة، بل تتراوح بين التبعية والانسجام، التكامل والاستقطاب، أو حتى التنافر والصدام، وكأنهما يعيشان في عوالم موازية، بل وقد تجتمع هذه الصيغ كلها في آنٍ واحد.

وأوضح بنيس أن “هذه التمفصلات تعدو أن تكون رهينة جدلية الدولة والهيمنة في ضبط تراتبية السياسي والثقافي، كانعكاس لطبقتين أو فئتين مجتمعيتين مختلفتين. والسؤال هنا: هل الاختلاف في الرؤى والتمثلات سيؤدي إلى الاصطدام والندية، أم إلى التهام طبقة لأخرى؟ وهو ما يتجلى في الوضعية التي تعيشها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ينمحي المثقف أمام السياسي، بل أصبح تابعاً له ومثمناً لتصوراته وبرامجه وسياساته.”

وتساءل: “هل نحن أمام دولة المثقف أم دولة السياسي أم هما معاً؟ الصراع بين الفئتين صار مبهماً ومتأرجحاً بين فعل السيطرة والاحتواء والاستقطاب من جهة، ونقيضه المتمثل في التكامل المصلحي والتوافق والانسجام والتواطؤ من جهة أخرى.”

وأضاف أن تبعية الثقافي للسياسي أو معايشة المثقف لرجل السياسة تظل “فعلًا متلونًا حسب السياقات المجتمعية داخل دول المنطقة. إذ يمكن أن تكون التبعية سالبة ومحتدة في الأنظمة الشمولية، أو مخففة وغير مجحفة في الديمقراطيات المعيبة والأنظمة الهجينة.”

وشدد بنيس على أهمية “مقاربة تبعية الثقافي للسياسي من زاوية منظومة القيم المنشودة من طرف المثقف في مقابل نزوعات الهيمنة المجسدة من طرف السياسي.” وتابع: “في خضم هذه الجدلية، ما هي الملامح الفضلى لهوية المثقف في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ هل هي ملامح المثقف العضوي بحسب غرامشي؟ أو تلك التي تميز المثقف المتخصص بحسب فوكو؟ أم تلك التي تصنع مثقفاً كونياً بالمفهوم الماركسي؟”

واعتبر أن التحولات الجارية في المنطقة تُنبئ بتحولات في موقع المثقف ذاته، قائلاً: “من داخل الصيرورة والدينامية الاحتجاجية التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي ما تزال تداعياتها ترخي بثقلها على شعوب المنطقة، بدأت بوادر تلاشي مظاهر تبعية المثقف للسياسي في التجذر، وأضحى المثقف هو ذاك المتتبع لجميع مناحي الحياة العامة لمجتمعه، الواقعي منها والافتراضي.”

وختم تصريحه بالتأكيد على أن “المثقف الحقيقي لم يعد ذاك الذي ينعم في برجه العاجي ويتعالى على مجتمعه، بل هو ذاك الذي يتواجد داخل مجتمعه، الذي يسكن جوارحه.”

مقالات ذات صلة