معتضد لـ”الميدان”: إغلاق مقرات جبهة “البوليساريو” في دمشق تحول استراتيجي

أكدت السلطات السورية، بحضور وفد مغربي رسمي، إغلاق المقرات التي كان يشغلها ممثلو جبهة “البوليساريو” في العاصمة دمشق.

وانتقلت بعثة مشتركة، تضم مسؤولين مغاربة ومسؤولين سوريين كبار، إلى عين المكان لمعاينة الإغلاق الفعلي لمكتب انفصاليي البوليساريو في العاصمة السورية، حسب وكالة المغرب العربي للأنباء.

وأوضح المصدر أن السلطات السورية “جددت من خلال هذه الخطوة، تأكيد التزامها باحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، رافضة أي شكل من أشكال الدعم للكيانات الانفصالية”.

وأضاف: “تعكس هذه الخطوة أيضا الإرادة الراسخة لدى سوريا لتقوية تعاونها الثنائي مع المغرب وتعزيز الاستقرار الإقليمي”.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية هشام معتضد أن أن إغلاق مقر “البوليساريو” في دمشق يمثل تحولا استراتيجياً في موقف الدولة السورية، ويعكس رغبة واضحة في إعادة تموضعها ضمن التوازنات الإقليمية الجديدة التي تفرضها التحولات الجيوسياسية العربية. فبإقصاء كيان غير معترف به دوليًا، ترسل سوريا رسالة ضمنية بأنها تضع في الحسبان تداعيات دعم الحركات الانفصالية، خصوصاً في ظل سعيها لاستعادة حضورها الدبلوماسي الكامل داخل المنظومة العربية.

واعتبر معتضد، في تصريح خص به موقع الميدان بريس، أن هذا القرار يُعَدّ خطوة تكتيكية مدروسة من جانب دمشق لتعزيز فرص الانفتاح السياسي والاقتصادي مع المغرب، خاصة وأن المغرب يعد فاعلاً محورياً في القارة الإفريقية وفي العلاقات العربية-الإفريقية. إن التخلص من ورقة “البوليساريو” في هذا السياق يشير إلى استعداد سوري لتقديم تنازلات محسوبة مقابل مكاسب دبلوماسية ملموسة، أبرزها دعم الرباط لإعادة الاندماج السوري في المحافل العربية.

وتابع قائلا “يبدو لي أن هذه الخطوة تعكس أيضاً تنسيقاً دبلوماسياً متقدماً من الجانب المغربي، الذي نجح في تحويل إعادة فتح سفارته إلى منصة لإعادة ترتيب الأولويات السياسية في دمشق. فالتوقيت المتزامن بين إعلان القرار الملكي والزيارة التقنية الميدانية، مع التوضيح السوري بشأن إغلاق المكتب الانفصالي، يوضح مستوى التفاهم والتناغم الذي تم التوصل إليه خلال المشاورات الثنائية”.

وأكد الخبير في العلاقات الدولية أن أن هذا القرار يحمل أيضاً دلالات رمزية قوية تتجاوز البعد الثنائي، إذ يقدم نموذجاً عربياً يعارض صراحة دعم الكيانات الانفصالية، ما قد يفتح المجال لإعادة صياغة خطاب إقليمي جديد أكثر اتساقاً مع مبادئ السيادة الوطنية. وبالتالي، فإن إغلاق مكتب “البوليساريو” في دمشق لا يخدم فقط المصلحة المغربية، بل ينسجم مع توجه عام نحو احترام وحدة الدول كخط أحمر في العلاقات الدولية.

وأشار المتحدث ذاته أن هذه الخطوة ستعزز موقف المغرب داخل الجامعة العربية، باعتبار أن دمشق – بخطوتها هذه – تعترف عملياً بمغربية الصحراء، وهو ما قد يسهم في تقليص هوامش المناورة التي تعتمدها “البوليساريو” داخل بعض الأوساط السياسية العربية. فكل تقليص لدعم معنوي أو سياسي في العواصم العربية يُعدّ تراكماً لصالح المغرب على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وختم قائلا “أتصور أن هذه المبادرة قد تفتح الباب أمام تحولات مشابهة في مواقف بعض الدول الأخرى التي لا تزال تستضيف تمثيليات للبوليساريو، لكنها تترقب تغير موازين القوى والاصطفافات الجديدة. وسوريا، التي كانت تاريخياً داعمة للتيارات الانفصالية في بعض السياقات، تقدم نفسها اليوم كمثال على قدرة الدول على تعديل سياساتها الخارجية وفقاً لأولوياتها الاستراتيجية الآنية والمستقبلية”.

مقالات ذات صلة