بوانو: إلى أين تسير بنا حكومة الصفقات؟

أي حكومة هاته التي ابتُلي بها المغاربة؟ لا نكاد ننسى فضيحة من فضائح لهفة عدد من وزرائها للمال العام، حتى تنفجر في وجهها فضيحة أخرى.

اتسائل صدقا، إن كان رئيسها ووزراؤها المتورطون جهارا نهارا في تضارب المصالح واستغلال النفوذ، يعرفون ما يفعلون، ويقدرون تداعيات ما يتخذونه من قرارات على سمعة الحكومة وسمعة البلاد، وعلى مستوى ثقة المواطنين في بلادهم ومؤسساتتها.

واتساءل صدقا ما سر كل هذا الاصرار على الريع وعلى استغلال “الهمزة”، مرة تحت عنوان تخفيض رسوم الاستيراد، ومرة باسم تشجيع المقاولات، ومرات باسناد الصفقات الضخمة لشركات رئيس الحكومة وبعض الوزراء، أو لشركات مقربين منهم عائليا وحزبيا.

ودون أن اذكّر بفضيحة صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، وفضيحة الوزير صاحب شركة السيارة المعلومة، وكذا بـ”همزة” تخفيض رسوم استيراد المواشي واللحوم ومواد استهلاكية اخرى، اريد ان اتوقف عند فضيحة أخرى بطلها وزير الصحة، الذي كنت قد قلت منذ التعديل الذي حمله للحكومة، أن مهمته ستكون هي تأمين تمرير الصفقات لشركات بعينها، معروفة ومعروف ولاء أصحابها.

تفاجأت هذه الايام، بممارسة غريبة، وغير مسبوقة، داخل وزارة الصحة، تتعلق بالغاء صفقات قائمة، خاصة بالمناولة، وتحديدا الحراسة والنظافة، هذا الالغاء تم عن طريق sms وُجه لمديري الوزارة على المستوى الجهوي، اُخبروا من خلاله بأن دفاتر التحملات سيتم تغييرها في اتجاه تعديل بعض الشروط، ما يفيد أن كافة الصفقات التي تم ابرامها على مستوى المراكز الاستشفائية والمندوبيات الإقليمية، يتعين الغاؤها، وابرام صفقات جديدة على مستوى المديريات الجهوية.

وهذا في لغة الصفقات، يعني أن المبالغ المالية ستكون كبيرة وكبيرة جدا، خاصة أن هناك إشارة في تعليمات الـ sms أن من شروط الحراسة التوفر على مستوى دراسي معين، وأن الاجرة ستكون معادلة للحد الأدنى للأجر، وظني أن هذا الشرط هو فقط لتبرير المبالغ الكبيرة التي سيتم تخصيصها لصفقات المناولة في الحراسة.

وهذا يعني كذلك أن المقاولات والشركات الصغيرة والمتوسطة، لن يكون في استطاعتها المنافسة على الصفقات الجديدة، وهو اقصاء ممنهج احترفته حكومة الصفقات منذ ابتلاء المغاربة بها.

وبالنسبة لي وبكل وضوح، فإن هذا التجاوز الجديد لوزير الصحة مدعوما من طرف رئيس الحكومة، هو تخطيط لتمكين شركات بعينها من صفقات المناولة في الحراسة والنظافة داخل المؤسسات الصحية، ومحاولة التغطية على ذلك بمبررات واعتبارات، إن كان فيها شيء من الحق، فالمراد بها باطل.

وفضلا عن كون الغاء الصفقات المبرمة في هذا المجال، تم بطريقة فجة، دون اللجوء للمساطر والمسلكيات القانونية والإدارية المعمول بها، فإنه يهدد بحرمان المؤسسات الصحية والمرتفقين من خدمات الحراسة والنظافة، وسيزيد من معاناة المرضى والاطر الصحية والادارية على حد سواء.

عبد الله بووانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية

 

مقالات ذات صلة