انتخابات سابقة لآوانها في المغرب؟

عاد النقاش مجددا في المغرب إلى الحديث عن انتخابات سابقة لآوانها، في سياق اقتصادي صعب، واحتقان اجتماعي واضح متسم بارتفاع للأسعار والتضخم ونسب البطالة  المقلقة التي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة، بتأكيد لمؤسسات رسمية في تقاريرها.

وشكلت صفقة تحلية مياه البحر، والتي اعترف رئيس الحكومة أمام مجلس النواب فوز إحدى الشركات المملوكة له بهذه الصفقة، القشة التي قصمت ظهر البعير، و أحدث رجة كبيرة لدى الرأي العام الوطني بخصوص تضارب صارخ للمصالح وزواج المال بالسلطة.

من حق رئيس الحكومة الدفاع عن مصالحه الاقتصادية مادام انه رجل أعمال له مشاريع في كل المجالات، ولكن ليس من منصب التدبير الحكومي، وأن يكون طرفا في الصفقة ورئيسا للجنة المشرفة عليها. فهذا إسمه تضارب في المصالح ونتيجة لزواج السلطة بالمال. وهذه أمور سبق أن حذرت منها بعض الأطراف السياسية في أكثر من مناسبة.

جر تدبير الحكومة لمواضيع استراتيجية، منها مشروع قانون الإضراب، والذي صادق عليه مجلس النواب، وينتظر رأي المحكمة الدستورية، ليصبح قانونا ساريا ، وطريقة تقديم الخطوط العريضة لمراجعة مدونة الاسرة، وغيرها من المواضيع الهامة التي تمس جيب المواطن مباشرة انتقادات علنية، حتى من داخل التحالف الحكومي نفسه، بسبب تقديرات الحكومة المنفصلة عن الواقع المعيشي للشعب.

لقد قاد هذا الوضع مكونات الائتلاف الحكومي إلى خروج مبكرا إلى حلبة التنافس على الانتخابات،   فحزب الاستقلال الجامح لتولي “حكومة المونديال” أطلق أمينه العام النار في كل اتجاه، وانتقد ارتفاع الأسعار والتضخم وجشع المضاربين، وكأنه حزب معارض بنفس ثوري. في حين أن المنطق يستوجب أن يعلن خروجه من هذا الائتلاف الحكومي.

أصبحت أحزاب المشكلة للحكومة ضد بعضها البعض، وتنتقد غلاء الأسعار وتردي الأوضاع، مما أثار جدالا واسعا، ونسيت أو تناست أنها شريكة في الأغلبية الحكومية، وتوافق على قراراتها، وهذا ما استقبله الرأي العام الوطني بنوع من التهكم والسخرية والفكاهة، من قبيل الحكومة ضد الحكومة، أو الحكومة تحتج على  الحكومة، ويعتبرها الجمهور حملات انتخابية سابقة لأوانها، في تصريحات شعبان، وحكومة شعبان وغلاء شعبان، ويظل المواطن الضحية الأساس في قلب غلاء الأسعار وتدني الأوضاع المعيشية

إن صفقة تحلية مياه البحر،  كانت كافية لأن ترحل الحكومة، ونذهب رأسا إلى انتخابات سابقة لآوانها، وأما الاستمرار في التحالف وانتقاد الوضع فهي بمثابة عبث في عبث يساهم في تكريس العزوف.

واجهت الحكومة الانتقادات التي لاحقت تدبيرها للملفات الحكومية، بداية بترحيل الأزمة إلى الخارج وربطها بتقلبات السوق الدولية والحروب، رغم تأكيد مؤسسات دستورية أن التضخم نتاج محلي خالص،.. ثم أخذت تعترف على استحياء بصعوبة الوضع، مع محاولة التقليل من الأزمة الاجتماعية، ومن خطورة ندرة المياه على الأمن الغذائي للمغاربة، وأحيانا بمهاجمة المؤسسات الرسمية التي عرت الحصيلة الحكومية الضعيفة.

فعوض أن  تعتكف الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعرفها البلاد، بدأنا نعاين تسابقا بين مكوناتها على من يريد الظفر ب”حكومة المونديال”، والغريب في الامر أن مكوناتها الثلاث خرجت في أسبوع واحد كل منها يؤكد أن طموحه في تولي الحكومة المقبلة في وقت نجد لوبيات الأسعار وفي غفلة عن المصالح الحكومية، تحكمت في القدرة الشرائية للمواطن وزادت في الاحتقان الاجتماعي الذي قد يهدد الاستقرار الاجتماعي الهش…

فالأغلبية الحكومة في تنافس شديد لقيادة حكومة المونديال، فكل واحد منهم مفعم بالثقة بالنفس، على أنه هو من سيقود الحكومة القادمة، بدءا بتصريحات المنسقة الوطنية لحزب الاصالة والمعاصرة، فاطمة الزهراء المنصوري، وبخرجات قيادات التجمع الوطني للأحرار، القائد للحكومة، بتقديم صورة جميلة مزينة بمساحيق التجميل على وضعية المعيش المغربي، وتقديم أرقام بعيدة عن الواقع. نفس الشيء بخرجات الأمين العام لحزب الاستقلال، فإنهم في تنافسية واضحة، وصراع من أجل رئاسة الحكومة المقبلة، في انفصال واضح وفاضح عن هموم المواطن البسيط

من المؤكد أن سؤال انتخابات سابقة لٱوانها يطرح نفسه بقوة في ظل الوضع الاجتماعي المقلق والازمة الاقتصادية الخانقة والانتظاربة السياسية القاتلة…فهل نحن مقبلون فعلا عن انتخابات سابقة لٱوانها؟ سؤال ستجيب عنه الايام القادمة.

قديم حسن

مدير نشر موقع الميدان بريس

 

مقالات ذات صلة