بوصوف يكتب.. المشترك التاريخي أو الأرضية الصلبة للعلاقات المغربية/ الفرنسية
زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب بعد رسالة الإعتراف بمغربية الصحراء ليوم 30 يوليوز و اعتبار مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع الصحراءالمغربية المفتعل…ليست وقفة تاريخية و انتصارا للشرعية التاريخية و الواقعية في ملف الصحراء المغربية فحسب، بل هي حلقة جديدة من تاريخ مشترك طويل بين المغرب و فرنسا، أو ما عبر عنه الرئيس ماكرون أمام غرفتيْ البرلمان يوم 29 أكتوبر …بالذاكرة المشتركة الممتدة لقرون عديدة بكل المحطات التاريخية و الانسانية سواء المشرقة منها كالسفارات التاريخية لكل من السفير ابن عائشة و ادريس العمراوي مثلا … و كذا المحطات المؤلمة أو ” جروح الاستعمار ” كمشاركة الجنود المغاربة ” الكوم ” إلى جانب القوات الفرنسية من أجل تحرير فرنسا و أوروبا من النازية الالمانية و الفاشية الايطالية بالإضافة إلى حرب لاندوشين…و هي المواقف التي دفعت الجنرال دوغول إلى وصف السلطان محمد الخامس برفيق التحرير…
الذاكرة المشتركة تعني أيضا مفكرين و سياسيين و رجال دين ” تومليلين ” و مهندسين معماريين و فنانين مغاربة وفرنسيين…و تعني أيضا مبادلة السفراء و الخطب و الاتفاقيات.. وغيرها من علامات تمتد في عمق التاريخ و وجدان صناع القرار بين الضفتين…
ماكرون ركز على المحطات التاريخية الأهم في ذلك التاريخ المشترك بين جمهورية فلاسفة الانوار و واحدة من أعرق المملكات في العالم…و وصولا الى عهد الملك محمد السادس و الاحتفال بمرور ربع قرن بكل منجزاته الحقوقية و الدستورية و الاقتصادية و الاجتماعية…و معلنا عن توقيعه الى جانب جلالة الملك محمد السادس لكتاب جديد من 22 ملف و مجال… سيكون عنوانا للربع القرن المقبل…بكل تحدياته…و بكل ملفاته الشائكة كالارهاب و الجريمة العابرة للقارات و الاتجار الدولي في المخدرات و تجارة البشر…كما سيكون ربع القرن المقبل عنوان كبيرا للتطور الديمقراطي و الحقوقي والتنمية والعدالة المجالية و تطوير البنيةالتحتية خاصة بالاقاليم الصحراويةالمغربية…
و لأن الرئيس ماكرون سياسي من درجة عالية فإنه حرص على تثمين إمارة المؤمنين و الإسلام الوسطي بالمغرب…كمظلة تحمي المغرب و المغاربة من كل تطرف او غلو…
لكن و بما ان المناسبة شرط…فلابد من التذكير بزيارة الدولة التي قام بها لفرنسا المغفور له الحسن الثاني بدعوة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك و خطابه القوي بالجمعية العمومية الفرنسية يوم 7ماي 1996…يومها قدم الملك الحكيم طيب الله تراه ، بلغة فرنسية راقية و وسط تصفيقات قوية لاعضاء الجمعية العمومية الفرنسية…درسا بليغا تناول فيه تفاصيل دقيقة تهم مجالات التطور الديمقراطي و الحقوقي و الدستوري و مفاهيم الحداثة و التطور السياسي…و هو تعبير عن حالة التفاعل و التراكم و التطور الدستوري و الحقوقي التي كان يعيشها المغرب وقتئذ…
اليوم عندما يتناول الرئيس ماكرون مضامين الكتاب الجديد و يحدد نقط الفهرس و مجالات الاشتغال في التطوير شبكات البنية التحتية و إشكالية الماء و تنمية الأقاليم الصحراوية المغربية و برامج الصناعة الثقافية و التنسيق القضائي و الأمني من أجل محاربة الإرهاب و المخدرات و شبكات الهجرة و تجار البشر بالمتوسط ودول الساحل…
فإن هذا دليل آخر على انتقال المغرب بالفعل الى مرحلة جديدة…أي من مقاربة التدبير الى التغيير خاصة في قضية المغاربة الأولى أي مغربية الصحراء و من رد الفعل الى المبادرة و الحزم و الاستباقية….
مرة اخرى ، نشكر السيد ماكرون على السرد الجميل لكل تلك المحطات المشرقة و التاريخ المشترك بين فرنسا و المملكة الشريفة..و كيف ساهم المغرب و المغاربة في تحرير و بناء فرنسا و أوروبا….و هو درس قوي للأجيال الحالية سواء بالمغرب أو مغاربة فرنسا لتقف على عراقة التاريخ المغربي و أمجاد السلاطين المغاربة..تاريخ كُتب بمداد الفخر و الندية و عراقة تقاليد سلطانية تمتد لقرون…
و على رؤوس الأشهاد سيعيد الرئيس ماكرون اعترافه بالحدود المغربية الحقة من داخل المؤسسة التشريعية المغربية و وسط تصفيات نواب الأمة و ممثلي الحكومة المغربية و الوفد الفرنسي…وصل صداها الى أفواج عديدة من المواطنين وقفت على الرصيف تنتظر خروج ” كبير العائلة المغربية ” و ضيفه الكبير ماكرون لتقديم احسن سلام و أجمل تحية…
عبد الله بوصوف…