التنسيق النقابي بقطاع الصحة يوجه رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الحكومة

وجه التنسيق النقابي بقطاع الصحة رسالة قوية إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بخصوص التذمر المتزايد للشغيلة الصحية بسبب التماطل في تنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024 بين الحكومة والنقابات الصحية، وبسبب منهجية التعامل الأحادية المتّبعة من طرف وزير الصحة والحماية الاجتماعية.
وفي مايلي نص الرسالة كاملا
رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الحكومة المحترم
الموضوع : التذمر المتزايد للشغيلة الصحية بسبب التماطل في تنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024 بين الحكومة والنقابات الصحية، وبسبب منهجية التعامل الأحادية المتّبعة من طرف السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية.
السيد رئيس الحكومة، سلام واحترام
إننا في التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة، مضطرون لمراسلتكم لسببين : أولهما، هو التأخير الكبير لتنزيل اتفاق 23 يوليوز 2024 الموقع بين الحكومة والتنسيق النقابي، وثانيهما هي المنهجية الأحادية المتّبعة من طرف السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية بخصوص كل قضايا الموارد البشرية ومطالبها والنصوص القانونية المتعلقة بها وعدم إشراكه للنقابات الممثلة للشغيلة في ذلك.
أولا، فيما يتعلق بالتماطل في تنفيذ الاتفاق، أنتم تعلمون السيد رئيس الحكومة بأنكم أشرفتم على الاتفاق القطاعي بقطاع الصحة بين الحكومة في شخص السيد وزير الصحة السابق الذي كلفتموه بذلك، والتنسيق النقابي الوطني الذي يضم ست نقابات تمثل أغلبية مهنيي الصحة. وقد تم التوقيع المشترك على الاتفاق يوم 23 يوليوز 2024 أي قبل حوالي 7 أشهر . لكن مع الأسف، لم يتم تنفيذ وتنزيل الاتفاق لحد الآن، بالرغم من أننا عقدنا بعد الاتفاق نحن ووزارة الصحة عدة اجتماعات خُصِصَت لأجرأة التنفيذ، حيث تقدمنا كثيرا في العديد من نقاط الاتفاق وتوافقنا حولها، ولم يبق إلا تأشير الجهات المختصة ووزارة المالية. كما أنه خلال أول اجتماع مع السيد وزير الصحة الحالي بعد تعيينه، وخلال اجتماع ثاني مع مساعديه وأطر الوزارة، تم التأكيد والاتفاق على ضرورة الإسراع بتنفيذ الاتفاق وكذا تنزيل النصوص التطبيقية في إطار من التشارك والتوافق.
لكننا، وبالرغم من ذلك الالتزام، فإننا في التنسيق النقابي قد لاحظنا عكس ذلك. لاحظنا صمت ثم توقف وتجميد لكل ما تم القيام به من نقاش غني وتوافق… وحلَّ محلَّهُ تماطل لا مبرر له في تطبيق كل ما توصلنا إليه، وفقط وعود ولا شيء ملموس. بل إن أغلب نقاط الاتفاق لم يتم إلى حدود الآن تنفيذها، وهذا غير مفهوم وغير مقبول. فهل سنكون مضطرين مرة أخرى للنضال من أجل تنفيذ اتفاق وقعناه مع الحكومة التي تترأسونها ؟
ثانيا، وبخصوص المنهجية الأحادية المتّبعة من طرف السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، قد لمسنا السيد رئيس الحكومة المحترم، وباستغراب كبير وتذمر، أن السيد الوزير يعتمد منهجية أحادية بعيدة عن الشراكة والتوافق في تعامله مع قضايا الموارد البشرية والنصوص المرتبطة بها. وهذا عكس ما أكدتم عليه مرارا من ضرورة تثمين الموارد البشرية وتحفيزها للانخراط بقوة في الورش الكبير للحماية الاجتماعية وضمنه تعميم التغطية الصحية وتأهيل المنظومة الصحية بإصلاح جدري يجيب على حاجيات المواطنين ويستجيب لانتظارات المهنيين.
بل إن الشغيلة تعيش جوا من الترقب والانتظار وغياب التواصل، وضبابية في الرؤية تَعُمُّ المنظومة ولاسيما بخصوص كل القضايا التي تَهُمُّ مهنيي الصحة. وأصبحنا نعيش في أجواء غير معتادة من الكتمان والتكتم على معلومات ومعطيات ونصوص تهم الشغيلة وأوضاعها ومستقبلها وحقوقها وواجباتها، تتِم بدون إشراك النقابات في مناقشتها وبلورتها قبل إخراجها !!! وهذا الأسلوب الانفرادي في التدبير خاصة المتعلق بأمور الموارد البشرية قد ولّى عنه الدَّهر، وكل المواثيق الدولية الضامنة للحقوق الاجتماعية تؤكد ذلك. وخير مثال على عدم إشراك الشغيلة وممثليها، هو صياغة النظامين الأساسيين الخاصين بموظفي الوكالتين المغربية للدم ومشتقاته والمغربية للأدوية والمنتجات الصحية دون مناقشتهما
مع الشركاء الاجتماعيين، ثم المصادقة عليهما في المجلسين الإداريين للوكالتين التي ترأستموهما السيد رئيس الحكومة، بدون علمنا بمضمونهما كشركاء اجتماعيين ولا العاملين المعنيين بهما كذلك !!!. بل إن لا أحد يعلم هل تتضمن هاته النصوص تنزيل بنود الاتفاق بما يضمن كل المكتسبات والحقوق أم لا ؟ مع العلم أن هذه النصوص هي التي ستؤطر العلاقة بين إدارة الوكالتين والعاملين بها.
هذا النوع من التعامل، السيد رئيس الحكومة، غريب ودخيل علينا وعلى قطاع الصحة، ويتناقض كليا مع خطابكم الرسمي الذي يؤكد على أهمية الحوار الاجتماعي والشراكة والنقاش والتفاوض للوصول إلى توافق حول القضايا التي تهم الشغيلة بصفة عامة، ويتناقض مع المواثيق الدولية. وقد طالبنا بالاطِلاع على مسودة النظامين الأساسين للوكالتين وراسلنا السيد الوزير في الموضوع، لكن لم تتم الاستجابة لطلب النقابات، وكأن النظام الأساسي وهو فقط قرار للمجلس الإداري، قد أصبح من أسرار الدولة، ويجب التكتم عليه وهذا أمر غير منطقي وغير مقبول !!!
إن المنهجية التي يشتغل بها السيد الوزير، والتي خلقت وأنتجت توترا وتدمرا كبيرا، تطرح أسئلة كثيرة حول ما هو آت إذا استمر في اعتماد نفس المنهجية الأحادية الدخيلة والإقصائية لرأي الشركاء وللشغيلة الصحية فيما يتعلق بالنصوص الأخرى المقبلة وبالنقاط المطلبية الواردة في الاتفاق بشقها الاعتباري القانوني والمادي. وهذا الأمر نعبر عن رفضنا له رفضا قاطعا، وسنتصدى له وقد نلجأ للاحتجاج بقوة من جديد بسبب ذلك.
السيد رئيس الحكومة، لقد أدت المنهجية المتّبعة من طرف السيد الوزير إلى احتقان وغضب وتشكيك في المستقبل. وقد يتزايد ويتوسع حجم هذا التذمر أكثر ويصل إلى الباب المسدود، خاصة وأن الجميع متوجس من أن ما وقع بخصوص الوكالتين قد يتكرر بخصوص النظام الأساسي النموذجي الخاص بالمجموعات الصحية الترابية، بمعنى فرض سياسة الأمر الواقع بشكل أحادي وبدون إشراك الشغيلة في البلورة والبناء وصولا إلى التوافق، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى انهيار تام للثقة مما يؤهل إلى الدخول في نفق مجهول بالنسبة للمنظومة ككل.
إن هذه المنهجية التي لا تتلاءم مع قطاع اجتماعي وحيوي، وتدفع في اتجاه فقدان الثقة لدى النقابات والشغيلة في أي حوار وتعامل مع وزارة تمارس الإقصاء ولا تُنصِت للشركاء وللشغيلة ولممثليها ولا تُشركهم فيما يَهُمُّ أوضاعهم ومستقبلهم. كما أن هذه المنهجية تساهم بقوة في فقدان الثقة في الانخراط في أي إصلاح مرتقب ما دام التهميش أصبح هو منهج وأسلوب تعامل وزارة الصحة ومن يترأسها. ومع الأسف، وفي ظل كل هذا، الحكومة لم تحرك ساكنا أمام هذه المنهجية الخارجة تماما عن سياقات وروح الحوار الاجتماعي ومأسسته .
السيد رئيس الحكومة المحترم، إننا ننتظر من سيادتكم، التدخل العاجل من أجل تنفيذ وتنزيل اتفاق 23 يوليوز 2024 في أسرع وقت، والتدخل من أجل تصحيح الوضع والمنهجية الأحادية التي يعتمدها السيد وزير الصحة واعتماد المنهجية التشاركية طبقا للاتفاقات والمواثيق والقوانين والحق في المعلومة والعمل بمنطق التوافق لما فيه فائدة وخير المواطنين والمنظومة الصحية وكل العاملين بها.
وتقبلوا السيد رئيس الحكومة فائق عبارات التقدير والاحترام.