“أخلاقيات مهنة الصحافة” محور ندوة بالدار البيضاء

عقدت الجمعية المغربية للصحافيين الشباب، زوال أمس الجمعة 7 يونيو 2024، بالمركب الثقافي سيدي بليوط في الدار البيضاء، ندوة افتتاحية، عنوانها: “”أخلاقيات مهنة الصحافة أمام متغيرات الواقع ومتطلبات المجال الإعلامي”.

وتطرقت الكاتبة العامة للجمعية فاطمة الزهراء غالم في الكلمة الافتتاحية، إلى أسباب تأسيس هذا التنظيم المدني الذي يضم زملاء صحفيين ممارسين في الميدان محررين ومصورين، وأرجعت ذلك إلى الإكراهات التي يعانيها الصحفيون في الميدان، ورغبة في المساهمة بإضافة نوعية والنهوض بالمجال الصحفي والإعلامي عموما، وكذا في تكوين الصحفيين الصاعدين.

وأكدت الكاتبة العامة للجمعية، أن اختيار موضوع “أخلاقيات مهنة الصحافة” في أولى أنشطتها الإشعاعية، هدفُه إبراز التحديات التي تواجه الصحفيين في عملهم اليومي، إذ تلعب الأخلاقيات المهنية دورا محوريا في توجيه سلوك الصحافيين وضمان نزاهة وصدق التقارير الصحفية.

وأضافت الكلمة الافتتاحية، أن القواعد الأخلاقية تضمن تعامل الصحفي بمهنية في احترام الأفراد والمؤسسات، وتساعد في بناء ثقة الجمهور في وسائل الإعلام، وشددت الكاتبة العامة باسم الجمعية المغربية للصحافيين الشباب، على أن هذه الندوة تروم تعزيز الوعي بأهمية الأخلاقيات الصحفية ودورها في بناء مجتمع إعلامي نزيه وموثوق.

وفي هذا الإطار، انصبت المداخلات حول تشخيص الإكراهات والتحديات المرتبطة بأخلاقيات المهنة، التي تواجه الصحفيين، خاصة في ظل المتغيرات الراهنة المرتبطة بالتحول الرقمي السريع، الذي يفرض على الصحفي تحديات أخرى، تتعلق باستخدام الوسائل التقنية الحديثة في جمع ونشر الأخبار، مما يتطلب ذلك توازنًا بين السرعة في نقل الأخبار والدقة في المعلومات.

وتسلم رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية عبد الكبير اخشيشن الكلمة، التي شدد فيها على أن مستقبل الصحافة ينطلق من الشباب، وشجع الصحافيين الشباب على السير بخطوات تسهم في الرقي بالمهنة.

وأعرب عبد الكبير اخشيشن عن إيمانه بطريقة تنظيم وتفكير الجمعية المغربية للصحافيين الشباب، التي قال إنها تنصب في تقوية المهنة وتهدف بالأساس إلى الرفع من منسوب المهنية لدى الصحافيين الشباب.

وأشار اخشيشن إلى أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، تؤمن بدور الجمعيات في مجال الصحافة التي تساهم في تقوية منسوب المهنية بين الصحافيات والصحافيين خاصة وأننا مقبلون على مرحلة جد حاسمة في المغرب التي ستحدد مستقبل الصحافيين، ذكر منها مناقشة القوانين المُشلكة لمدونة الصحافة والنشر.

وأبرز اخشيشن أنه من الضروري حضور نفس الشباب في الأجوبة التي ستقدمها النقابة في مراجعة قوانين الصحافة والنشر، بهدف توفير بيئة مهنية وآمنة تحترم كرامة الصحافيات والصحافيين، لأن بيئة مهنية ونظيفة ومشجعة من الناحية المادية ستضمن وجود صحافيين في المستوى، وتبقى مسألة التكوين والتكوين المستمر من مسؤولية المؤسسات الإعلامية والمنظمات المهنية كالنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وأعرب اخشيشن عن فخره عندما يجد ثلة من الشباب تلتئم لمناقشة أخلاقيات المهنة.

ومن جهته، تطرق محمد الشمسي المحامي بهيئة الدار البيضاء والصحفي السابق في مداخلته بعنوان: ” من أجل ممارسة صحفية آمنة: حاجة الصحفي لاستيعاب قانون الصحافة والنشر”، إلى بروز ممارسات لا تمت للصحافة بصلة، واعتبر تأسيس الجمعية المغربية للصحافيين الشباب على أساس مهني، يعكس التوجه المسيطر على الساحة الذي يطبعه التطاحن والتسابق نحو الخبر.


واعتبر محمد الشمسي أن أخلاقيات مهنة الصحافة تتجسد من خلال :

• التكوين المهني: ليس بالضرورة ولوج معهد متخصص وإن كان ذلك هو أفضل وأضمن، بل البحث في الانترنت، وحضور الندوات وكل الأنشطة ذات الصلة، ثم قراءة كبريات الجرائد، ومشاهدة كبريات القنوات لاكتساب بعض المهارات
• ضبط تقنيات الخبر وشروطه: لابد وأن يصاغ الخبر بقواعد الخبر التي تنص عليها المهنية، مع احترام تقنية الهرم المقلوب وتجنب السرد الكرونولوجي العادي، على أن يكون الخبر مهما ومثيرا
• الإلمام بالأجناس الصحفية: حتى لا يتداخل الربورتاج بالتحقيق بالتقرير بالبورتوريه وغيره من الأجناس الصحفية

ووقف محمد الشمسي عند ضرورة الإلمام بقانون الصحافة، وأشار إلى الجرائم المقترفة بواسطة الصحافة ذكر منها:

• المس بقرينة البراءة: (جراند تصدر أحكاما قبل حكم القضاء أو تدين المتهمين أو تنحاز جهتهم ”
• القذف الموجه للأفراد بالوسائل والسب والتشهير، والتدخل في الحياة الخاصة باختلاق وقائع أو إفشاء وقائع وصورة أو تسريب أفلام حميمية لأشخاص تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها علاقة بالحياة العامة أو تأثير على تدبير الشأن العام، كل هذه الممارسات تعتبر مخالفة لقانون الصحافة والنشر.

وذكر المحامي الشمسي والصحفي السابق، أن هناك جرائم قد تتخطى قانون الصحافة وتدخل في دائرة الجرائم المعاقب عليها في القانون الجنائي، معتبر أن المشرع احتفظ ببعض الفصول في القانون الجنائي التي يمكن أن تطال الصحافيين وهي مرتبطة بصميم العمل الصحفي وبكل عمل يعتمد على النشر وليس في القانون ما يمنع النيابة العامة من متابعة الصحفي بالقانون الجنائي أو قانون النشر.

دعا محمد الشمسي في مداخلته إلى: احترام الرأي المخالف ما لم يكن يشكل ذلك خطورة أو جريمة ( التدرب على مناقشة الرأي مع وجوب احترامه واحترام الحق في الاختلاف، وعدم الانغماس في بعض النقاشات الاقصائية والاستئصالية.

شدد على التقيد بمبادئ ميثاق الشرف الخاص بالصحفي واعتبره هو دليل الصحفي ودستوره، وأشار إلى أن الصحفي المهني يستمد مقومات شرف المهنة من المبادئ الكونية لحرية التعبير وحقوق الإنسان ويلتزم بالبحث عن الحقائق وإعلام الرأي العام بها بصدق وأمانة.

دعا إلى تجنب القذف والتجريح في الأشخا، و يرفض أي تدخل غير مهني وأي إغراء يخل بأخلاقيات المهنة، والحث على أهمية تضامن الصحفي مع زملائه ويؤازرهم في حالات المتابعة والملاحقة الناشئة عن ممارسة المهنة، والدفاع عن مصداقية واستقلالية العمل الصحفي ضد كل أشكال الابتذال والتدليس والتعتيم.

وتساءل ما إذا كانت المؤسسة الإعلامية تؤمن بأخلاقيات المهنة وتؤمن بالشروط التي الزمنا بها، وأشار إلى أنه لا ييمكن الحديث عن أخلاقيات المهنة مع الصحفي دون أن تكون المؤسسة طرفا.

من جهته، تطرق عبد الفتاح مومن، أستاذ مكون وصحفي بالقناة الثانية، إلى الأخلاقيات المهنية، من زاوية “الأخلاقيات والذكاء الاصطناعي”، وشدد على أنه في عصر الذكاء الاصطناعي، يجب أن تكون المؤسسات الإعلامية شفافة. وأن يكون استخداماتها للتكنولوجيا يتطلب الإفصاح عن متى وأين وكيفية استعمال الذكاء الاصطناعي في جمع المعلومات سواء اثناء تحليل أو إنتاج المحتوى، ثم الشفافية التي تبني الثقة بين الجمهور والمؤسسات الإعلامية وتساعد في تقليل الشكوك والقلق حول الاعتماد على التكنولوجيا.

وأشار في هذه المداخلة إلى أهمية التقيد بمجموعة من المبادئ والأخلاقيات منها:

• المصداقية والدقة، لأنه على الرغم من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وجمع المعلومات يجب أن تظل المصداقية والدقة حجر الزاوية في العمل الصحفي.
• على المؤسسات الإعلامية التأكد من أن المعلومات التي تنشرها تم التحقق منها وأنها صحيحة، حتى لو كانت مستمدة من أنظمة الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون هناك تحقق بشري دائم لضمان أن تكون المعلومات المنشورة دقيقة وغير مضلة
• التحقق من الأخبار الكاذبة: في ظل الانتشار الواسع للأخبار الزائفة والمضللة، يجب على المؤسسات الإعلامية استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للتحقق من صحة الأخبار والمصادر. ومع ذلك، يجب أن تتبع هذه العملية بفحص بشري للتأكد من دقة النتائج وتجنب الاعتماد الكلي على التكنولوجيا فقط. هذا يضمن تقديم معلومات صحيحة وموثوقة للجمهور
• حماية الخصوصية: مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في جمع البيانات وتحليلها، يصبح من الضروري أن تحترم المؤسسات الإعلامية حقوق الخصوصية للأفراد. يجب أن تكون هناك سياسات واضحة ومحددة حول كيفية جمع البيانات، واستخدامها، وتخزينها، والتأكد من أن جميع الأنشطة تتوافق مع القوانين واللوائح المتعلقة بحماية الخصوصية.
• التحلي بالإنسانية: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز من قدرات المؤسسات الإعلامية، لكنه لا يمكن أن يحل محل اللمسة الإنسانية في الصحافة. يجب على المؤسسات الإعلامية التأكد من أن التكنولوجيا تستخدم لتعزيز العمل البشري وليس لاستبداله، لأن الصحفيون هم القادرون على تقديم التقارير بالعمق والتعاطف اللازمين لفهم القضايا المعقدة
• المساءلة: يجب أن تكون المؤسسات الإعلامية مستعدة لتحمل المسؤولية عن الأخطاء التي قد تنتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي. يجب أن تكون هناك آليات للمساءلة والشفافية حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي،

• تجنب التحيز: يمكن أن يحتوي الذكاء الاصطناعي على تحيزات ناتجة عن البيانات التي تم تدريبه عليها. لذلك، يجب على المؤسسات الإعلامية العمل بجد لتحديد ومعالجة أي تحيزات في أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة يتطلب ذلك مراقبة مستمرة وتقييم دقيق لضمان تقديم محتوى عادل ومتوازن.
• الامتثال للقوانين واللوائح، الاستقلالية التحريرية وتدريب الصحفيين والتفاعل مع الجمهور وغيرها من المبادئ.

خلص عبد الفتاح مومن في مداخلته بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة للمؤسسات الإعلامية لتحسين كفاءتها وجودة محتواها. ومع ذلك، تأتي هذه الفرصة مع مسؤولية كبيرة للحفاظ على الأخلاقيات المهنية والالتزام بالمعايير الأخلاقية. من خلال الشفافية، الدقة، حماية الخصوصية، والتحلي بالإنسانية، يمكن للمؤسسات الإعلامية الاستفادة من التكنولوجيا بشكل مسؤول وفعال. الالتزام بهذه الأخلاقيات يعزز من مصداقية الوسائل الإعلامية ويبني ثقة الجمهور مما يضمن تقديم محتوى صحفي ذو جودة عالية ومسؤول.

تكريم صحافيين مهنيين:

ختمت الجمعية المغربية للصحافيين الشباب نشاطها بتكريم ثلة من الصحافيين المهنيين الذين ساهموا في تكريس أخلاقيات مهنة الصحافة عبر مؤسساتهم الإعلامية، من بينهم تكريم الصحفية المحررة عزيزة آيت موسى على كفاءتها وخبرتها المهنية، ومحمد حيحي قيدوم المصورين الصحفيين الذي حرص خلال مسيرته على احترام الحقيقة من خلال الصورة، ثم الصحفي المصور ابراهيم الزكري الذي يعتبره الصحفيون قدوة في العمل المهني وإتقان خبر الصورة.

مقالات ذات صلة