واموسي يكتب.. خراف إسبانية و جيوب مغربية تحت المقصلة
ها نحن في موسم الأضاحي، موسم الخير والبركات، ولكن يبدو أن هذا العام ليس مختلفًا كثيرًا عن سابقاته، بل ربما يأتي بمفاجآت إضافية، فقد شهد ميناء طنجة اليوم وصول عشرات الشاحنات محملة بخراف إسبانية قادمة من ميناء الجزيرة الخضراء.
نعم، أضحياتنا هذا العام مستوردة، بعد أن اشتراها مستوردونا الكرام ب200 يورو للخروف الواحد (على حد قولهم) ، أي حوالي 2150 درهم، على أن تُباع في الأسواق المغربية بسعر يبدأ من 4000 درهم.
وبالطبع، لم ينسَ هؤلاء المستوردون المحترفون الاستفادة من منحة الدولة السخية البالغة 500 درهم لكل خروف، مع إعفاء كامل من رسوم الاستيراد. أليست هذه صفقة القرن؟!
تقول الحكومة، وهي تنظر إلينا بعين الحنان، إن هذه التسهيلات والإعفاءات تهدف إلى تخفيف العبء المالي عن المواطنين وتوفير الأضاحي بأسعار معقولة.
ولكنها، وكعادتها، نسيت أو تجاهلت وضع آليات فعالة لضبط الأسعار في السوق، وتركت الباب مشرعًا للمستوردين لتحقيق أرباح زائدة.
نعم، تركتهم يلعبون بأسعار الأضاحي كما يحلو لهم، فيا لفرحتنا بالعيد !
إنها حقًا معادلة عجيبة : نخشى الجفاف، فنستورد الخراف، ونمنح المستوردين الحوافز والتسهيلات، لكننا ننسى أن نضبط الأسعار، فنجد أنفسنا ندفع أضعاف ما دفعه المستورد، ونُترك نحن المواطنون في دوامة الأسعار المرتفعة.
يبدو أن الكبش ليس الوحيد الذي سيتم تضحيته في هذا العيد، فالجيوب أيضًا ستتعرض للذبح !
فلننظر إلى الجانب المشرق، ربما نتعلم شيئًا من الخراف الإسبانية، تلك الخراف التي قطعت البحر لتصل إلينا، دون أن تدري أنها ستصبح جزءًا من لعبة اقتصادية، يكون المواطن فيها هو الطرف الخاسر دائمًا.
كم نحن بحاجة إلى خراف تتحلى بروح المغامرة، لتعلّمنا كيفية مواجهة تقلبات السوق بجرأة وشجاعة.
في النهاية، لا يسعنا سوى أن نحتفل بالعيد بجيوب مثقوبة وابتسامات ساخرة.
عيدكم مبارك، وأضحياتكم مباركة، ولعل الحكومة تبارك لكم أيضًا بالصبر على هذه الأوضاع.
عيد سعيد مسبقا للجميع، ومع خالص تمنياتنا بأن تكون جيوبكم أقوى من مقصلة الأسعار!
محمد واموسي/ صحافي مغربي مقيم بباريس