«أكذوبة» الإعلام الغربي الحر
استطاعت بعض الدول الغربية الوازنة بناء مؤسسات حقيقية لكن الإعلام بقي أسير توجهات تلك النظم، وقد توضح ذلك بتبني نظم غربية وازنة للرواية الإسرائيلية بشكل كامل في غالبية وسائل إعلامها وتكميم أفواه الآخرين المناهضين لتلك الرواية والمناصرين للحق الفلسطيني كما يحصل في الجامعات.
الرواية الإسرائيلية
يلحظ المتابع الأهمية الاستراتيجية للعلاقة بين إسرائيل وغالبية نظم الغرب الاستعماري، خاصة الكبرى منها كأمريكا وبريطانيا وفرنسا، وتتجلى تلك العلاقة بشكل واضح في الدعم الذي تتلقاه إسرائيل، لا سيما خلال قتلها الممنهج للفلسطينيين في قطاع غزة، الضفة الغربية، والقدس والداخل المحتل ، منذ تشرين الأول / أكتوبر الماضي، إذ شهد العالم تصاعداً في العدوان الإسرائيلي، بينما هرولت النظم الغربية مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا لتتبنى الرواية الإسرائيلية، بل قدمت دعماً إعلامياً لافتاً وعسكرياً ومالياً لافتاً، لتستمر إسرائيل في شن حربها الهمجية على الشعب الفلسطيني بغرض الإبادة والتهجير وتدمير البنى التحتية وكل ما يمكن أن يساعد على الحياة في غزة؛ مما يجعل هذه الدول شريكة في تلك الجرائم الجارية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين.
قادة الغرب
تُظهر مواقف قادة الغرب مثل الرئيس الفرنسي، رئيس الوزراء البريطاني، والمستشار الألماني، إلى جانب إدارة بايدن، انحيازاً واضحاً لحكومة نتنياهو؛ حيث يلعب الإعلام الغربي دوراً محورياً، ويُظهر في كثير من الأحيان القضايا من منظور يدافع عن الموقف الإسرائيلي، دون الحديث عن الضحايا الفلسطينيين، وتذهب إلى أبعد من ذلك حين تتحدث تقارير إعلامية بطريقة غير متوازنة وتُظهر أن إسرائيل دائماً كضحية تدافع عن نفسها، متجاهلةً الواقع والحقائق والمآسي الإنسانية نتيجة المجازر والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل على مدار الساعة .
إنكشاف الصورة
جنباً الى جنب مع انحياز إعلام غالبية نظم الغرب إلى الرواية الإسرائيلية، تقوم تلك الدول بزيادة الدعم للجيش الإسرائيلي من خلال تزويده بالأسلحة والمعدات العسكرية من مستودعاتها الموجودة في الأراضي المحتلة وعبر إرسال السفن المحملة بالعتاد العسكري والأغذية؛ ولا يقتصر الدعم على التمويل اللوجستي بل يشمل أيضاً تحويل مليارات الدولارات للدولة المارقة إسرائيل حيث صادق الكونغرس الامريكي أخيرا على مساعدة إسرائيل بـ (23) مليار دولار وهو يعادل مساعدات أمريكية لثمانية أعوام خلت، في مسعى لتأمين الإبقاء على قوة الجيش الإسرائيلي ومحاولة إعادة هيبته، وبطبيعة الحال يعبر هذا الدعم عن عمق الارتباط الاستعماري والدعم الصريح من جانب الإدارة الأمريكية لإسرائيل وكذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ويعتبر في الوقت ذاته امتدادا لنهج استعماري لم يتوقف منذ عام 1948 في استراتيجية باتت ماثلة للعيان تسعى لتعزيز لدعم إسرائيل في مختلف الأصعدة بغرض الهيمنة الاستعمارية في المنطقة على اعتبار أن إسرائيل ثكنتها المتقدمة وخنجرها في الشرق الأوسط .
إن الجرائم التي تُرتكب اليوم أمام الكاميرات، أزالت الستار عن الواقع المؤلم، إذ تبرز الآن، أكثر من أي وقت مضى، الضرورة الماسة للتحرك الدولي لنعت إسرائيل بالعنصرية والفاشية، فلقد أظهرت المجازر الإسرائيلية أن الصمت أو اللامبالاة لم يعودا خياراً مقبولاً، تبعاً لذلك يجب الضغط على المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف صارم ضد إسرائيل وداعميها في الغرب ، رداً على جرائمها وخرقها للقوانين الدولية، وبداية الألف ميل بدأت بموقف دولة جنوب افريقيا ، وقد تشكل حراكات الطلاب في الجامعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية المناصرة للحق الفلسطيني والداعية إلى وقف العدوان على الشعب الفلسطيني علامة فارقة في كشف زيف الإعلام الغربي، وقد يعزز ذلك انكشاف صورة إسرائيل الفاشية وارتكابها لعملية إبادة جماعية مكتملة الأركان ووثقت بالصوت والصورة، كما أكدتها منظمات إنسانية وحقوقية دولية .
نبيل السهلي/ كاتب فلسطيني مقيم في هولندا/ نقلا عن القدس العربي