غادة السمان تكتب.. هذا وطني، ولن أغادره!
توقفت طويلاً أمام صورة ذلك الشاب الفلسطيني الذي هدم جنود الاحتلال بيته لدفعه إلى الهجرة، فما كان منه إلا أن نصب خيمة فوق حطام بيته وأقام في الخيمة ولم يهاجر.
شاهدت في سلوكه تلخيصاً لموقف أهل قطاع غزة من محاولات قوى الاحتلال لدفعهم إلى الهجرة والاستيلاء على أرضهم وضمها إلى إسرائيل. وذلك فيما يبدو (مستحيل)!
تحاول قوى الاحتلال حرمان أهل غزة من الطعام والعلاج وتقصف مستشفياتهم، لكن صلابة إرادتهم في المحافظة على الوطن أكثر صلابة من الجوع والحرمان وحتى العطش.
ضمير العالم والمذابح
الجندي الأمريكي الذي أضرم النار في نفسه احتجاجاً على دعم بلاده لإسرائيل كان بذلك ضحية لجنود الاحتلال، وسجل موقفاً مشرفاً، مع أنني ضد الانتحار..
وجنود الاحتلال يتابعون سياسة التجويع لأهل قطاع غزة، حتى إن طفلة معاقة جائعة كادت تأكل يدها.
أما رئيس جمهورية البرازيل دا سيلفا، فلم يتردد في تشبيه الإبادة في غزة بما فعله هتلر بحق اليهود، ما أغضب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، والحقيقة وقولها أغضبت المذنب.
أما الفنان العربي علاء بنادي، فيقول إن حلمه بناء نصب تذكاري في غزة عن «الصمود» رغم المجازر الصهيونية. ولعل كل مدينة عربية تستحق بناء نصب كهذا إكراماً للعروبة.
الجار قبل الدار!
في فرنسا من الممنوع قانوناً إزعاج جار ما لجاره، وإلا قدم شكوى إلى أقرب مخفر وحصل على تعويض مالي.
والطريف أن أحد الجيران في قرية فرنسية تقدم بالشكوى ضد ديك جاره لأنه يصيح عند الفجر ويوقظه وهو يعمل في أحد المطاعم الليلية، وما يكاد يعود إلى بيته وينام حتى يوقظه فجراً صياح الديك. المزارع صاحب الديك قال للشرطة إنه لا يستطيع أن يضع كمامة لديكه! وضحك القراء الذين طالعوا هذه الحكاية وأنا منهم.
العزف السيئ على البيانو
لي جارة (أو جار) اشترى فجأة آلة بيانو وصار يتدرب للعزف عليها في أوقات راحتي بعد الظهر أو في الصباح الباكر، مع أن أحد حراس ناطحة السحاب التي أقيم فيها سألني عن عزف جار مزعج ونفيت له ذلك، لأنني أعرف أن جارة ما سواي أو أحد الجيران سيشكون من ذلك. وقد توقف العزف بعد شهر من أيامه الأولى ولم أتدخل.
جارة يبدو أن زوجها كان عنيفاً ويضربها وتصرخ ألماً ويزعج صراخها الجيران، لكنها هي التي تقدمت بالشكوى إلى رجال الشرطة ضد العنف المنزلي. ويظل أطرف الذين تقدموا بالشكوى ذلك الجار الذي أزعجه صياح الديك، ولكن كيف تضع كمامة للديك المسكين؟ ولا للدجاجات اللواتي يقدمن البيض لطعام المزارع!
هل للركاب أجنحة؟
ضحكت وأنا أقرأ عن ذلك الراكب في طائرة محلقة، لكنه حاول فتح بابها لو لم يقفز بقية الركاب الذين شاهدوا ذلك ويقومون بمنعه بالقوة. أفهم أن يضيق صدر أحد الركاب ريثما تهبط الطائرة، ولكنني لا أعتقد أن الحل هو في فتح باب الطائرة ومغادرتها كأنه في مقهى وليس في (علبة) تحلق على ارتفاع آلاف الأمتار! وهكذا عادت الطائرة إلى مطار نيومكسيكو الأمريكية وكانت في طريقها إلى شيكاغو، وهبطت وتخلصت من الراكب الذي يتوهم أن له وللركاب أجنحة وبوسعهم مغادرة الطائرة حين يضيق صدرهم (وصدره بالذات!) والخبر عن ذلك (المجنون) الذي يحاول فتح باب الطائرة المحلقة يبدو أقرب إلى الكذب لو لم أطلعه في منبر صحافي أثق في أخباره.
غادة السمان/ نقلا عن القدس العربي