محمود حديدي يكتب.. مجتمع إلى الهاوية

مجتمع يمضي إلى الهاوية، تضمد جراحه ومضات التضامن الإنسانية الموسمية، وصلوات رمضان الليلية، ولقاءات المقابر القسرية.

مجتمع، اجتمع فيه ما تفرق في مجتمعات و أمم سابقة، مجتمع بهائمي؛ غريزي؛ تغلب عليه الشهوة والبحث عن اللذة ولا يخفي حنينه إلى زمن السيبة، و السبي والاضطهاد و اشباع الغرائز.

مجتمع تفتت وحدته، وحاصرته كل الصفات الذنيئة وطوقته من كل جانب… مجتمع رغم كل المساحيق، اقنعته المزيفة تسقط كل يوم، تسقط عن قيم الفضيلة والنبل والصفاء والصدق وحب الخير للآخرين.

أقنعة تسقط لتميط اللثام، عن لؤم الانسان، عن الشر الكامن في بحر جوفه، عن الخصال التي اختلطت بفضلات الطعام وما عافه الجسد من أكل وشراب، فتحولت إلى نفاق و شقاق، إلى مكر و خداع، إلى لؤم ونكران، إلى خصال، روائحها الكريهة تملأ المكان، وتخنق الانفاس.

مجتمع يريد أن يخفي قبح وجه المترهل، بألوان زاهية براقة تتحملها خدود وجنتيه، وشفتيه وحاجبيه على مضض، لكنه دائما يفشل عند أول إختبار، يفشل عندما يخرج ذلك المارد من داخله، بحثا عن المزيد.

مجتمع يعشق التفاهة والتافهين، و حاصر القلة بكل أنواع العنف المعنوي، تلك القلة التي تحرق نفسها كل يوم لتضيء لمجتمع العميان و التائهين دروبهم.

مجتمع يتنفس النفاق اكثر من الهواء ، مجتمع يخشى بعضه البعض أكثر من خشية الإله ، مجتمع انقلبت موازينه رأسا على عقب ، مجتمع يلعن الظلام لكنه عاجز عن اشعال شمعة ، يحب الطبيعة ، لكنه عاجز عن زرع بذور شجرة ، يريد دخول الجنة لكنه غارق في بحور الرذيلة.

مقالات ذات صلة