أكنكو يكتب.. انتخاب أممي برهانات داخلية ودولية

بعد معركة ديبلوماسية ضارية بين المغرب وجنوب افريقيا، استطاع المغرب انتزاع رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، وقد حصل خلال هذا النزال على 30 صوتا مقابل 17 صوتا لجنوب افريقيا، وإذا كانت هناك من رسائل يجب التقاطها على هذا المستوى فإن أبرزها هي الثقة المتنامية التي يحظى بها المغرب من قبل المجموعة الدولية إذ سبق للمغرب أن نال عضوية مجلس الأمن الدولي في سياق التنافس الدوري حول المقاعد غير الدائمة بهذا المجلس، وهي معطيات تؤكد من جديد على أهمية المجهود الحقوقي الذي بذله المغرب على مستويات مختلفة بدءا بدسترة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضمن المؤسسات الدستورية التي تتدخل في مجال إحترام الحقوق والحريات الأساسية، وصولا إلى هيكلة لجانه الجهوية الممتدة على كافة التراب الوطني والتي تعمل بشكل منتظم على رصد وتتبع كل الخروقات التي تسيئ إلى المنظومة الحقوقية بالمغرب، وانتهاء بحرص الدولة على تفعيل مؤسسات الوساطة والحكامة وسعيها الحثيث إلى تمكين كافة المواطنين من حقوقهم الدستورية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية على الرغم من عديد النواقص التي لاتزال تعيق مسار تقدم المغرب على مستوى صيانة الحقوق والحريات.
وإذا كان المتتبع البسيط ينظر إلى هذا الرهان على أنه رهان عادي في سياق تجديد هياكل المؤسسات الدولية، فإننا في المغرب نعتبر بأن هذا الحدث له دلالات عميقة تعطي نفسا جديدا للاشواط التي قطعها المغرب منذ دخوله نادي الدول المنخرطة في مسار العدالة الانتقالية، كما أنها محطة تبين على حضور المغرب بشكل فعال وقوي على مستوى المؤسسات الدولية، واعتراف بأدواره على مختلف المستويات، ولاشك أن ذلك أيضا يعد ضربة موجعة لخصوم المغرب الذين يحاولون استغلال بعض الأحداث العرضية والأوضاع الهامشية بغية النيل من سمعة المغرب على الصعيد الدولي لاسيما أن من يقود هذه المعركة اليوم كانت ولا تزال لهم سوابق في منازعة المغرب في وحدته الترابية.
ان الرهانات المعقودة على المغرب وهو يترأس هذه المؤسسة الحقوقية الدولية العريقة، كثيرة منها ما هو داخلي يتصل بالمضي دون رجعة في إحترام حقوق الإنسان والتمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمواطنين جميعهم على قدم المساواة، ومنها ما هو خارجي يتعلق بمساهمة المغرب من هذا الموقع في تتبع ورصد، وحل مختلف الاشكالات الحقوقية حول العالم دون الأخذ بعين الاعتبار المصلحة الخاصة على حساب مصلحة الشعوب وحقها في العيش بحقوق وحريات تامة.

إسماعيل اكنكو/ باحث بسلك الدكتوراه/ جامعة محمد الخامس _الرباط

مقالات ذات صلة