مقاربة تشريعية وقضائية وأكاديمية لمستجدات قانون المسطرة الجنائية الجديدة بتازة

مقاربة تشريعية وقضائية وأكاديمية لمستجدات قانون المسطرة الجنائية الجديدة بتازة

انعقدت يوم الخميس 4 دجنبر 2025 بمحكمة الاستئناف بتازة ندوة علمية وطنية حول موضوع: “قراءة في مستجدات القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية”، بمشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين والخبراء والممارسين في مجال العدالة الجنائية، إلى جانب ممثلين عن مختلف الفاعلين في منظومة العدالة وأجهزة إنفاذ القانون، وعدد من الطلبة الباحثين في سلكي الدكتوراه والماستر والمهتمين بقضايا الإصلاح التشريعي.

وشكّلت الندوة إطاراً علمياً متميزاً لفتح نقاش معمّق حول أبرز التوجهات الكبرى التي جاء بها الإصلاح الجديد للمسطرة الجنائية، والوقوف على فلسفته العامة وما يتضمنه من ضمانات وإجراءات تروم الرفع من فعالية مكافحة الجريمة، في انسجام مع متطلبات احترام الحقوق والحريات الأساسية وترسيخ دولة القانون.

وفي الكلمة الافتتاحية، أكد الأستاذ محمد الصقلي الحسني، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتازة، أن المنظومة الجنائية مدعوة إلى تحقيق توازن دقيق بين متطلبات مكافحة الجريمة وصون مبادئ الشرعية والعدالة، مبرزاً أن قانون المسطرة الجنائية يشكل الإطار الناظم لمختلف مراحل الدعوى الجنائية، من البحث والتحري والتحقيق إلى المحاكمة وتنفيذ العقوبات، بما يعكس مستوى نجاعة العمل القضائي وجودته.

من جانبه، قدّم الأستاذ محمد اقوير، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتازة، عرضاً مفصلاً تناول فيه أبرز المستجدات التي جاء بها القانون الجديد، والتي ترتكز على مجموعة من المبادئ الجوهرية، من بينها: تكريس ضمانات المحاكمة العادلة، وترشيد اللجوء إلى تدابير الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي باعتبارهما تدبيرين استثنائيين، وتعزيز حماية الضحايا، لاسيما النساء والأطفال، وتطوير أساليب البحث والتحري في الجرائم المنظمة والجرائم المعلوماتية، مع ضمان حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية. كما أكد على أهمية تأطير السياسة الجنائية بضوابط موضوعية وإجرائية توجّه عمل النيابة العامة، وتدعيم آليات التعاون القضائي الدولي للحد من الجريمة العابرة للحدود ومكافحة الإفلات من العقاب.

وفي كلمة له بالمناسبة، شدّد الأستاذ حميد شباني، نقيب هيئة المحامين بتازة، على ضرورة تعبئة تشريعية وقضائية ومؤسساتية شاملة لضمان التنزيل الأمثل لمقتضيات القانون الجديد، المزمع دخوله حيز التنفيذ في 8 دجنبر 2025، بما يحقق التوازن بين فعالية مكافحة الجريمة وحماية الحقوق والحريات، ويعزّز الثقة في القضاء، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تحديث آليات العدالة الجنائية والارتقاء بجودة الأداء القضائي.

أما الدكتور حسن تبيوي، عميد الكلية متعددة التخصصات بتازة، فقد نوّه بجهود القضاة والمحامين ومختلف العاملين بمنظومة العدالة في تكريس أمن قضائي فعال، مع إبراز الدور العلمي والأكاديمي للأساتذة والطلبة الباحثين في دعم مسار الإصلاح التشريعي وإغنائه.

واختُتمت أشغال الندوة بمجموعة من التوصيات العلمية والعملية الهادفة إلى تعزيز نجاعة تطبيق القانون الجديد، وتطوير الممارسة القضائية، وتحقيق التوازن المنشود بين الفعالية الأمنية وضمانات حقوق الإنسان، وذلك من خلال عقد سلسلة لقاءات علمية لفائدة طلبة سلك الدكتوراه بمختبر الأبحاث والدراسات في القانون الخاص بالكلية متعددة التخصصات تازة حول هذا المستجد التشريعي.

مقالات ذات صلة