«مجد يهزم الأرقام»… إصدار جديد يعيد طرح صعوبات التعلّم في أدب الطفل العربي
صدر حديثا للكاتبة والصحافية المغربية حنان النبلي عملٌ قصصي موجَّه للأطفال بعنوان «مجد يهزم الأرقام»، عن دار جامعة حمد بن خليفة للنشر (الطبعة العربية الأولى عام 2025). ويأتي هذا الإصدار ليعزّز حضور الكاتبة في أدب الطفل، بعد باكورتها «ذو الخفّين الطائرين» (2023)، التي لفتت الأنظار بقدرتها على بناء عوالم سردية تستند إلى الحلم والتخييل في تشكيل رؤية تربوية وإنسانية.
في هذا العمل الجديد، تختار النبلي تناول موضوع تربوي شديد الحساسية: عسر الحساب (الديسكالكوليا)، وهو اضطراب تعلّمي ما يزال حضوره محدودا في المكتبة العربية، سواء في المؤلفات المدرسية أو في الكتب الموجّهة للأطفال. وتقدّم الكاتبة هذا الموضوع من زاوية تُبرز التجربة الداخلية للطفل مجد، تلميذ الصف الخامس، وما يواجهه من ارتباك وتعثر في التعامل مع الأرقام، وعدم حفظ جدول الضرب، والخطأ في العمليات الأساسية، وتضارب الاتجاهات، والعجز عن قراءة الساعة.
تؤكد النبلي أن هذه التفاصيل، وإن بدت بسيطة في نظر الراشدين، «قد تُفقد الطفل ثقته بنفسه، إذا لم يجد بيئة مدرسية وأسريّة تُدرك طبيعة صعوباته التعلمية وتحتضنها». وترى أن تناول هذا الاضطراب ضمن عمل للأطفال «دعوة إلى إعادة التفكير في التصورات السائدة حول الخطأ والتعثر والاختلاف داخل المدرسة».
تعتمد القصة التي جاءت معزّزة برسومات نهى البراهمي، مقاربة سردية تمزج بين الحسّ الحكائي والوعي النفسي، لتفتح أمام كل الأطفال الذين يعانون صعوبات التعلم مسارا يعيد فيه بناء العلاقة بالمعرفة بالعزيمة والهمة العالية ودعم المحيط الأسرى والتربوي. وتُبرز القصة كيف يمكن أن يتحوّل الفشل من لحظة إحباط إلى خطوة في مسار التعلّم، وكيف يصبح الدعم التربوي مدخلًا لإحياء الثقة وتقدير الذات بلغة سلسة تحترم ذكاء الطفل دون مبالغة في التبسيط.
يأتي هذا الإصدار ليشكّل إضافة لافتة إلى مدوّنة أدب الطفل العربي؛ إذ يعيد طرح موضوع تربوي مُهمل بصياغة تُنصت لدواخل الطفل، وتطرح أسئلة جوهرية حول معنى التعثر والتعلّم، وتدعو إلى بناء ثقافة تعليمية دامجة تُقدّر الاختلاف وتحتضن التنوع الفردي.
مقتطف من القصة:
لم يكن مجد يشاغب داخل الفصل، لكنه كان كثير الحركة، يقضم أظافره أحيانًا، ويبدو معظم الوقت ضجرًا يتململ على مقعده، خاصة في حصة الرياضيات. وفي الحصص الثلاث الأولى، لاحظت معلمة الرياضيات سلوك مجد، فأجلسته إلى جانبي في الصف الأمامي، لأنها ظنّت أن ضعف بصره هو السبب، لكنها ما لبثت أن تأكدت من أن نظارته مناسبة تمامًا، وأن مشكلته لا علاقة لها بضعف النظر”.



