العروسي لـ “الميدان”: هذا مستقبل العلاقات المغربية- السورية بعد رحيل الأسد
دخلت سوريا مرحلة جديدة من تاريخها السياسي، مع إعلان عن رحيل بشار الأسد، ووصول المعارضة المسلحة إلى العاصمة دمشق، بعد سنوات من الحرب والقتل والتهجير والتشريد، وهو يعني فتح صفحة جديدة لدمشق مع عواصم العالم، ضمنها الرباط.
وحافظت المملكة المغربية عن نهجها الديبلوماسي في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وتعاملت مع الأحداث التي شهدتها سوريا سنة سنة 2012، بحنكة عالية وأخذت مسافة واضحة من النظام وأغلقت سفاراتها، بعد التصعيد الذي شهدته الأراضي السورية رافضة التدخل الأجنبي في سوريا.
وأكدت الخارجية المغربية حينها، أن “المملكة المغربية التي انخرطت بجدية وديناميكية في جميع القرارات والمبادرات العربية والدولية الهادفة إلى تسوية الأزمة السورية والتي حرصت، من خلال ذل،٬ على إعطاء جميع الفرص لوقف العن، تؤكد أن الوضع في سورية لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، وتقرر مطالبة السفير السوري المعتمد لدى المملكة المغربية بمغادرة المملكة باعتباره شخصا غير مرغوب فيه”.
وبعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن موقف المملكة المغربية ظل دائما واضحا ويرتكز على الحفاظ على الوحدة الترابية وعلى السيادة الوطنية وعلى وحدة الشعب السوري”.
وسيسعى المغرب، بعد أن تهدأ الأوضاع، إلى بناء علاقات جديدة مع سوريا وإصلاح ما يمكن إصلاحه من خراب تسببت به سنوات من التذبذب، خاصة وأن دمشق كانت تدعم جبهة البوليساريو، الامر الذي يرفضه المغرب جملة وتفصيلا، إذ ينتظر موقف الحكام الجدد من قضية الصحراء، وبناء عليه قد يرسم معالم علاقاته المستقبلية مع سوريا، وخاصة وأن العقيدة الديبلوماسية للملكة صارت واضحة، وأن قضية الصحراء هي المنظار الذي تنظر به.
وفي هذا الصدد، اعتبر محمد عصام العروسي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، أن الموقف المغربي يكشف عن عقلانية كبيرة وعن تبصر في تدبير الأزمات، خاصة في علاقته مع الجمهورية السورية، فلم تكن دائما العلاقات مع سوريا بالممتازة أو الجيدة، لكن دائما المغرب كان يحافظ على إحترام السيادة الوطنية الداخلية لسوريا ولا يتدخل في تدبير شؤونها الداخلية، يضيف العروسي.
وتابع قائلا “بعد الربيع العربي، المغرب أخد مسافة واضحة من النظام السوري وتوقف بشكل نهائي وأغلق السفارة وسحب السفير، وكذلك طلب من التمثيلية الديبلوماسية السورية مغادرة المغرب، وهذا طبعا تماشيا مع الموقف المغربي الذي كان يري أن تصعيد الأحداث ورفض القيادة السورية التعاطي مع القضايا الوطنية أو التعاطي مع المعارضة بشكل إيجابي والسماح بالتدخلات الخارجية”.
وأكد العروسي أن مبادرة المغرب لدعم الصف العربي وإرجاع سوريا إلى حظيرة جامعة الدول العربية كان الهدف منها أيضا إرجاع سوريا والحفاظ على القطر السوري في حدوده المعروفة وضمان الاستقرار والسلامة، وكذلك النأي بسوريا عن الارتماء في أحضان طهران، الآن الموقف المغربي واضح بغض النظر عن ما يحصل من كون المعارضة وملامح المرحلة القادمة غير واضحة تماما، لكن المغرب يتوخى دائما الحذر وسوف يتعامل مع القيادة السورية المنتقاة أو المنتخبة من قبل الشعب في إطار من الاحترام و الود”.
وشدد أستاذ العلاقات الدولية أن هاجس المغرب ومنظومة الدول العربية هو التركيز على نقطة الاستقرار، مضيفا بالقول “يجب أن نفهم أن ما يحصل الآن على الأرض السورية هو استكمال لحلقات التغول الإسرائيلي، ولا ننسى ما حصل في قطاع غزة وبعد ذلك في الجبهة اللبنانية وطبعا ابتداء من اغتيالات القيادات المهمة في الحزب وهذا ما يعني أن المخططات التي ترمي إلى تشتيت المنطقة وإلى تفتيتها من خلال، أولا القضاء على ما كان يسمى بمحور الممانعة ومحور طبعا إيران وروسيا وسوريا وبدعم أيضا بشكل أو بآخر من الجزائر وهذا من جهة، ومن جهة أخرى صعود قوى تضع بصماتها على المنطقة وهي تركيا”.
وزاد قائلا “لكن ربما أعتقد أن الرابح الأكبر هو إسرائيل التي الآن تتدخل في النطاق الجغرافي السوري بدون تخوف أو بدون أي حرص، وبثقة بأن الإمدادات الأساسية لإيران تم تقزيمه، بل وأعتقد أن هناك تدابير أو ربما هناك شبه صفقة مابين هذه القوى في مقابل إيران سوف تكسب على المدى القريب والمتوسط ربما ستظهر معالم أشياء أخرى فيما يتعلق بعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية فيما يسمى تخفيض الكراهية و تخفيض الصراع مع الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة بالنسبة للملف النووي ربما هذه الأمور وتتضارب وتتداخل المصالح المختلفة لهدذه الدول على سوريا وتكالب هذه القوى، وعدم وضوح مواقف المعارضة التي سمحت ببقاء القاعدتين العسكريتين الروسيتين في حميميم وطرطوس وهذا ما يؤكد معالم التدخل الخارجي وبقاء هذه القوى وكذلك قضية الاكراد التي ربما ستنفجر من طرف حزب الوحدات الكردي المدعوم من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ورفض تركيا لإنشاء دولة كردية”.
وشدد العروسي على أن التخوف المغربي هو تخوف على أساس مستقبل سوريا وتقسيمها ومن تم توزيعه، وهذا ما سيضعف المنطقة العربية وربما سيسمح بفتح شهية الطرف الإسرائيلي للمزيد من قضم الأراضي العربية وللمزيد من تغيير أو فيتحويل الشرق الأوسط الى شرق أوسط إسرائيلي، وليس شرق أوسط عربي، وهذا ما يخشى منه، خاصة وأن خطاب نتنياهو أكد أن الشرق الأوسط يدهب في إتجاه التغيير “، مردفا باقول “أظن أن الموقف المغربي والعربي كذلك يخشى من هذه التطورات والتحولات وبالتالي فالهدف من المرحلة القادمة تثبيت النظام والسلطة السياسية وضمان يعني المرور السلس و المرن للانتقال الديمقراطي في سوريا دون النيل من سيادتها الوطنية والإقليمية”.
وتابع قائلا “طبعا موقف النظام الجزائري ونظام الأسد كان دائما مع طرح الإنفصال حتى في مرات كنت شاركت في برامج على القناة “سوريا اليوم” وكان هذا الطرح ورفضت التعليق على تقرير حول الموضوع وذهب في اتجاه الإنفصال وليس كون القضية قضية الصحراء المغربية وهناك أيادي خفية وايادي واضحة تلعب في هذا الملف، مشيرا إلى أن المغرب كان يراعي جوانب السيادة لسوريا، بغض النظر عن موقفها من قضية الصحراء المغربية، لأن هذا الرأي لم يكن يؤثر بشكل كبير طالما أن جامعة الدول العربية لم تكن تريد إثارة قضية الصحراء المغربية داخل أروقتها إحتراما للمغرب واحتراما أيضا لعدم إثارة قضايا أو أزمات إضافية داخل الصف العربي”.
وأضاف قائلا “موقف الحكومة القادمة في اعتقادي لن يعود كما كان في السابق ولان حزب البعث كانت له أيضا أطروحاته وسردياته الأيديولوجية السياسية وكان هذا التقارب مع النظام الجزائري الذي كان طبعا في وقت تاريخي نموذجا اشتراكيا يتعاطي بشكل كبير مع الإتحاد السوفياتي”، مؤكدا أن “الجزائر وسوريا كانتا محميتان من قبل النظام السوفياتي ال²ي كان يدعم ه²ه القيادات ويدعم أيضا بالسلاح حتى أن الأسلحة التي وجدت في سوريا ومجموعة من الترسانة العسكرية هي ترجع إلى نصف قرن من الزمن وكذلك يستمر التسليح مع روسيا اليوم
وختم قائلا “إذن في إعتقادي أن الموقف السوري سوف يتغير والسياقات المختلفة الآن تذهب في إتجاهات متنافرة عكس ما كان في السابق”.