“الصدمة”.. صحافي ناج من زلزال الحوز يروي تفاصيل فاجعة ليلة الثامن من شثنبر 2023
ادريس بيكلم
ككل الكوارث الإنسانية التي تصيب المجتمعات، يبرز هنالك من يحمل القلم أو الصورة لتوثيق الحدث، فرغم مأساويته ومرراة عيشه عن كتب، وقسوة أن تكون جزءا من دمار أو خراب يلفه موت كثير، يصيب الصديق كما الجار أو الحبيب والقريب، فمواجهة الأمر بالكتابة والتوثيق ليس بالأمر الهين، يثقل عليك الحكي حينما تكون جزءا من المحكي، وتصر أن تكون الكلمات بقوة وقسوة الحدث والعبارة بحمولة وداع لمن فقد، وحسرة على بيت هدم.
الصحفي “منتصر إثري” أحد الذين عاشوا تجربة زلزال الثامن من شتنبر بكل ما حملته من مأساة بعضها لازال مستمرا لليوم بأشكال مختلفة، لكنها تعنون فقط للمعاناة المستمرة، اختار بعد هول الصدمة، أن يكتب للتأريخ والتوثيق للحدث المأساة، “الصدمة” كتاب من بنات أفكار منتصر، الذي أراد أن ينتصر بالكتابة على جراح وأهوال الزلزال الدي أتى على حياة وبيوت ومساكن وحتى أحلام وكد عمر الآلاف من أبناء وبنات الحوز.
موقع “الميدان” اختار أن يحاور الزميل والكاتب “منتصر إثري”، استعادة لشريط الأحداث منذ ذلك اليوم، ونظرة على واقع ما يعيشه منكوبو زلزال الحوز منذ 8 شتنبر من السنة الماضية، بعد مرور أزيد من سنة أين كنا وأين نحن اليوم؟ مالذي تغير من حال ساكنة الخيام؟ وما هي آثار البرامج الحكومية ودعم الدولة للضحايا، وطبعا كيف جائت فكرة وتجربة الكتابة عن الزلزال.
يقول منتصر فقدت منزلاً من طابقين ونصف بشكل كامل، يوم 08 شتنبر المنصرم، إلا أنه ومع كامل الأسف، وجدت نفسي خارج المستفيدين من الدعم المُخصص لإعادة الإعمار والإسكان لأسباب في الحقيقة لها ارتباط بالسلطات المحلية.. حجتها “غير مقيم بصفة دائمة”! و بعد طول انتظار، ومع ما نعيشه من ظروف مُناخية قاسية في سلسلة جبال الأطلس الكبير، ونحن نَقطن وسط خيام تنعدم فيها أبسط شروط العيش الكريم، وضداً على كل ما جاء في التعليمات الرسمية، وعكس ما عبر عنه الشعب المغربي من تضامن وتلاحم أبهر العالم، وجدت نفسي أمام رحمة الإقصاء والحرمان وبالتالي فتح أبواب المصير المجهول.
وتابع قائلا صحيح أنني اشتغل بمدينة الرباط، إلا أنني لا أملك إلا هذا المنزل الرئيسي الذي ضحيت على مدى سنوات من العمل في سبيل تشييده وبنائه في قريتي، والذي لم تنته فيه الأشغال بعد، قبل أن تأتي الكارثة الطبيعية يوم 08 شتنبر المنصرم وحولته إلى ركام. وبعد أن استبشرنا خيراً من التعليمات والقرارات الرسمية المعلنة عنها لفائدة متضرري الزلزال، لقيت نفسي اواجه مصيراً مجهولاً وتشرد داخل قريتي ابحث عن مأوى وعن بطاقة الإقامة
وبخصوص كتابه “الصدمة يوميات زلزال الحوز” قال: “لم أكن أتوقع ولم أفكر حتى في تحويل «يوميات مشتتة وممزقة» تماماً كـ «الخيام البلاستيكية» المتناثرة والمنتشرة في قرانا ومداشرنا، إلى «كتيب» ليبقى شاهداً على ظروف قاهرة وقاسية مررنا منها في مختلف الأقاليم والمناطق المتضررة من الزلزال، لولا إصرار بعض الأصدقاء والمقربين وإلحاحهم على ضرورة نقل «يوميات افتراضية» إلى تجربة تدوين ضمن كتيب”.
ولفت إلى أن الفكرة في البداية، كانت توثيق الأحداث التي عشتها بشكل شخصي في «دوار تنصغارت» بإقليم الحوز، من أول اتصال توصلت به لحظة وقوع الكارثة الإنسانية، إلى أشهر ما بعد يوم 08 شتنبر 2023 الغير قابل للنسيان، عن طريق «يوميات مختصرة» على موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك»، إلا أن إلحاح الأصدقاء والصديقات، بينهم/ن من عاش التجربة القاسية والمؤلمة، دفعني إلى تحويلها إلى هذا «الكتيب» الذي يتضمن تجربتي الشخصية في حدود «دواري»، وهي بكل تأكيد تجربة يتقاسمها الكثيرون من أبناء القرى والجبال المنكوبة.
وشدد المتحدث على أنها كانت تجربة مريرة وعسيرة على الهضم إلى حدود كتابة هذه الأسطر، لم يستطع العقل أن يتجاوز مخلفاتها وتداعياتها، ولم تتمكن النفسية بعد من التخلص من آثارها. وددت لو كان بإمكاني استرجاع كل التفاصيل المحيطة بها، ونقل معاناة المتضررين في كل الأقاليم والمناطق المتضررة في هذه التجربة، لكن، قد يفهمني من عاش نفس التجربة، بمجرد التفكير في التفاصيل تدمع العين ويوجع القلب وتتصبب عرق، مشيرا إلى أن ما يزيد من الآلام ويفاقم المعاناة والآهات، هو العيش داخل خيّام بلاستيكية مهترئة تنعدم فيها أبسط شروط العيش الكريم، منذ أشهر، بالإضافة إلى حرمان الكثير من أبناء هاته المناطق من حقهم في الاستفادة من التعويضات المخصصة لضحايا الزلزال.
وختم الصحفي منتصر بالقول أنه وبعد مرور أزيد من عام ، لا يزال يبحث عن «بطاقة الإقامة» في «دواره» وسط أهله وذويه وجِيرانه وأصدقائه، بالرغم من مرور أزيد من ثمانية أشهر، مثله في ذلك مثل الكثيرين!.