الدكتور أوخليفا يكتب.. هل الخطابات الشعبوية للأحزاب تعتبر عائقا للنهوض بالترافع الدبلوماسي على قضية الصحراء؟
يرتكز العمل السياسي في ظل المؤسسات الحزبية على محددات أساسية تقوم على التشاركية والعمل على الاستجابة لمتطلبات المجتمع والترافع عن مطالبه وتكريس اليات الفعل المؤسساتي نحو تحقيق تلك الأهداف بما يضمن فاعليتها وأجرأتها على ارض الواقع، وذلك انسجاما مع المبادئ الدستورية للمملكة وتوجهاتها وضمن اطار تعزيز المشاركة السياسية للمواطنين وتكوينهم وتأطيرهم.
ومن هذا المنطلق نجد ان للأحزاب السياسية أدوارا جوهرية تبوئها مكانة مشاركة السلطة وفق مبادئ الديمقراطية وفي نطاق المؤسسات الدستورية واحكام هذا الأخير ، حيث تتجلى أهميتها في قوة انخراطها في الحياة السياسية ودفاعها عن مصالح الدولة وقضاياها الوطنية والدولية عبر التفاعل مع الاحداث وإنتاج سياسة ناجعة وفعالة على قدر مسؤولياتها والتزاماتها الوطنية ، فإتقان الأحزاب لسياسة معينة في مجال معين يقتضي تحديد الأدوار وتقدير المخاطر ومعرفة الحدود والفواصل التي تفرضها السياقات العامة لكل مجال من مجالات التدخل .
وبالحديث عن القضية الوطنية الأولى باعتبارها أولى الاولويات ورهان الدولة في استكمال وحدته الترابية في مواجهة خصومها، فإننا نقف عند ثقل المسؤولية وعبئ الأمانة التي تفرض الحزم والجزم والتفاني من اجل الدفاع عنها ، مما يتعين معه ان تكون الأحزاب السياسة قد اتحدت في اطار الوطنية الصادقة وتغليب المصلحة العامة للوطن بعيدا عن أي انحراف سياسي او سلوك استباقي ذي ابعاد ضيقة تروم تحقيق السبق والانتصار التفاعلي مع الاحداث دونما تخطيط او تقدير للنتائج .
ومن السلوكيات السياسية المعيبة التي نشهدها اليوم هي تلك الخرجات الحزبية الانية والسريعة في اخراج بيانات وبلاغات تنديدية تحمل في طياتها العتاب واللوم للموقف المعادي والاشادة بالموقف الداعم دونما إضافات او دفاع حزبي خالص مبني على تبصر وادراك للقضية والسياق وتحليل عميق من اجل الابداع في الدفاع عن القضية الوطنية بأسلوب يفيد تمرس الحزب في الأداء السياسي .
هذا فيما يتعلق بالخطابات المكتوبة ، اما بخصوص الخرجات الحزبية الشفوية فإننا وللأسف لازلنا امام ندرة الكفاءات ومعضلة تناسل الخطاب ومحدودية التمكن من الأدوات الفعالة لمواجهة الخصوم ودفع زيف الادعاء وضعف المقال . وذلك مرده من وجهة نظرنا الى عدم اهتمام الأحزاب بتعزيز هياكلها الداخلية بأطر متخصصة ومؤسسات متمكنة وتوجه متفرد غايته الالمام بأبجديات التعامل مع ملف وحدتنا الترابية بعيدا عن الخطابات الشعبوية المبنية على الغيرة والوطنية الدافعة التي يعوزها الدليل نتيجة قلة الاطلاع والتكوين ، فتأتي بغير المطلوب ولربما في بعض الأحيان قد تضعف القوي وتقوي الضعيف.
وفي ذات السياق وضمن التوجيهات الملكية السامية باعتبارها خارطة الطريق وبوصلة النجاح لتحقيق الأهداف وتوجيه الجهود نحو المسار الصحيح، فقد حمل خطاب جلالته بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة توجيه الأحزاب السياسية الى لعب أدوارها في صون الوحدة الترابية للمملكة اعمالا للحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء .
مما يفيد ضرورة التجاوب الاني مع التوجيهات الملكية السامية وإعادة النظر في البرامج السياسية والتركيبة الحزبية الداخلية من خلال تطعيمها بالكفاءات والاليات التكوينية القادرة على تحقيق اهداف الدبلوماسية الموازية المرجوة عبر منافذ المؤسسات الوطنية والدولية وبعيدا عن الأدوار التقليدية الموسمية ، خاصة في ظل المنجزات التي حققها المغرب ، حفاظا عليها واستمرارا في دعم موقفنا العادل لقضيتنا الوطنية .
الدكتور منير اوخليفا
أستاذ قانون الأعمال ون بالكلية متعددة التخصصات بتازة
محكم مصرح به لدى محكمة الاستئناف بتازة
عضو مؤسس لمركز الدراسات القانونية والقضائية والاجتماعية
مدير مجلة افريواطو للدراسات والأبحاث في قوانين الأعمال والاستثمار