الغلوسي لـ”الميدان”: تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة كشف تفاقم الفساد والرشوة في الحياة العامة
ادريس بيگلم
هاجم الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، بعد أن أفرجت عن تقريرها السنوي والذي تضمن تصنيفا سلبيا للحكومة بخصوص عملها في مجال محاربة الفساد.
وعبر بايتاس أثناء إجابته على أسئلة الصحفيين في الندوة الصحفية الاسبوعية عقب انعقاد المجلس الحكومة عن اندهاشه لما تضمنه تقرير الهيئة، معتبرا أن الهيئة تتجاهل القانون المنظم لها وكذا خطوات الحكومة وبرامجها بصدد محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة، سيما في النقطة التي أثارها رئيس الهيئة والمتمثلة في رفض رئيس الحكومة عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد والتي يترأسها رئيس الحكومة.
ويرى متتبعون أن رد فعل الحكومة على هذا التقرير غير لائق، ويذهب في اتجاه تسفيه أو تجاهل عمل ومساهمة هيئة دستورية أناط بها الدستور مهام المساهمة في تخليق الحياة العامة ومحاربة والوقاية من الرشوة.
واعتبر محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام،أن تقرير الهيئة مهم وإيجابي، لأنه صدر عن هيئة دستورية أناط بها الدستور المساهمة في تخليق الحياة العامة، فمن جهة اعتمد منهجية موضوعية وعلمية، ومن جهة أخرى كشف من حيث الموضوع عن واقع قائم من غير زيادة ولا تقصان، مشيرا إلى أن التقرير وقف على الواقع الحقيقي وكشف عن تفاقم الفساد والرشوة في الحياة العامة وفي المجتمع ونبه ألى خطورة ذلك.
وأضاف الغلوسي الذي تحدث “للميدان بريس” أن تقرير الهيئة كشف عن كون الفساد شمل كل المجالات بما فيها المقاولات، حيت أبرز أن هناك مقاولات صغيرة ومتوسطة تشتكي من الفساد في مجال الصفقات العمومية، رغم اصدار مرسوم 2023 الجديد المتعلق بالصفقات العمومية والذي اعاد تنظيم هذا المجال، إلا أن التحايل على هذا القانون لازال مستمرا.
ولفت المتحدث إلى أن تقرير الهيئة كشف عن كون الفساد يستنزف ما يقارب عن 50 مليار درهم سنويا، وهو مبلغ ضخم يؤشر على تغول الفساد وتفاقمه في كل مناحي الحياة العامة.
وسجل رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام بكل أسف التعاطي السلبي للحكومة مع هذا التقرير، رغم أن رئيس الحكومة هو من يترأس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد كآلية لتتبع تنفيذ الاجراءات والبرامج الواردة في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، غير ان هذه اللجنة لم تجتمع، وعوض أن تجتمع وتقوم بالمطلوب منها في اطار تنفيذ برنامجها، اختارت الحكومة مهاجمة هيئة دستورية قدمت تقريرا عن عملها في محاربة الرشوة والفساد بشكل غير لائق يقول الغلوسي.
واعتبر الفاعل الحقوقي أن ردة فعل الحكومة المهاجم للهيئة وتقريرها يعبر عن انزعاج بعض الأطراف المستفيدة من تضارب المصالح والريع، وانزعاجها من كل الاصوات المحاربة للفساد، مشيرا إلى أنه وبعد التضييق على نشطاء حماية المال العام ومحاولات حرمان الجمعيات المدنية من التبليغ عن الفساد، وتهديد نشطاء حماية المال العام من طرف وزير العدل، واليوم الحكومة تهاجم هيئة دستورية، ما يبين حسب الغلوسي حجم انزعاج الاطراف المستفيدة من الفساد والريع والإثراء غير المشروع من الأصوات المناهضة والمنتقدة للفساد.
وختم الناشط الحقوقي بالقول أن هذه الحكومة هي نفسها من يرفض لحدود اليوم اقرار قانون الإثراء غير المشروع، وترفض لليوم اعادة النظر في القوانين ذات الصلة بتخليق الحياة العامة، مشددا على أن هذه المعطيات كلها تؤكد غياب ارادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد والرشوة وتخليق الحياة العامة، رغم الإقرار الرسمي لخطورة الفساد على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمغرب.